تعالى بسماء قصر الثقافة ''مفدي زكريا'' نهاية الأسبوع جميل الكلم وعذب اللحن المستوحى من زمن الوصل بالأندلس، زمن زرياب والموصلي وتمازجت أصوات أعضاء جمعية ''عنادل الجزائر'' بآلاتهم الموسيقية مانحة الاحتفال بشهر التراث بعدا جماليا راقيا عماده التكوين الصحيح والرغبة القوية في التأسيس لتقاليد فنية متجدّدة على الدوام. ''عنادل الجزائر'' بقسميها الابتدائي والمتوسّط، احتفلت بعيد تأسيسها التاسع عشر وأمتعت الحضور بحزمة من المقاطع الغنائية المستقاة من الرصيد الأندلسي ومن نوباته التي ما تنفكّ تزيل الستار عمّا تحمله من كلمات وألحان تعيد المتلقي إلى الأزمنة الغابرة وإلى كلّ ما هو راق يشنّف الآذان ويمنحها فسحات للسفر إلى عوالم الجمال والتميّز. رفقاء حامي أحمد ولطفي، سامي مهداوي وطارق بشان حملوا الساهرين بقصر الثقافة إلى قصور قرطبة وأزقة غرناطة وبساتين إشبيليا وما تخبئه من قول منمّق ونوتات مدروسة، فقدّموا مجموعة من الانقلابات تحت قيادة الأستاذ يوسف أوزناجي، تراوحت بين مناجاة الحبيب والتغني بشيمه وبهائه، ودعوته إلى تجديد الوصال. وبعد أن سكتت الزرنة، تعانق القانون مع الطار، وفيما جامل الموندولين الكمان، احتضن العود الغيتار، لتترافق الآلات الموسيقية من دربوكة، بونغوس، بيانو وكمان جهير وتعزف ألحانا مستوحاة من الخزان الموسيقي الإسلامي- الإسباني - المغاربي، وتشدو ''عنادل الجزائر'' أربعة انقلابات شدّت الانتباه لبراعة الأداء وتميّز الأصوات. أوّل انقلاب أدّاه تلامذة الجمعية من الطور الابتدائي، كان ''متى نستريح من وحش الحبايب وبرق يلوح من تحت السحايب، والشاب المليح تركع له الركايب''، ليليه ''قم ترى'' وفيه ''الربيع أقبل يا إنسان، هذا هو فصل الخلاعة''، وأيضا ''يا قلبي خلي الحال يمشي على حالو، اترك جميع لقوال واصغ لما قالوا''، ليدخل ''رشيق القدّ يامحلاه، ظريف الشكل تيّمني بعد صدّوه يا ويلاه''. زعنادل الجزائر'' أبدعت وهي تحتفي بعيدها التاسع عشر، وأمتعت وهي تحتفي بالتراث في شهره، فكانت وصلاتها الأندلسية نافذة هرب عبرها للحظات محبو الفن الأندلسي من عصر غلبت عليه الماديات وانتشر فيه الفنّ الغث، ونالت الفرقة إعجاب الجمهور الذي صفّق طويلا للأداء المتميز والانسجام الذي ساد بين أعضاء الفرقة وهم من مختلف الأجيال والمستويات. وتعدّ جمعية ''عنادل الجزائر'' من الجمعيات الأندلسية التي تنشط كثيرا في الساحة الفنية، وهي تابعة للمدرسة الموسيقية التابعة للمركز الثقافي بمدينة الشراقة، رأت النور سنة 1992 وأطلق عليها اسم ''عنادل الجزائر'' سنة 1997 من طرف السيد يوسف أوزناجي، وتحوّلت هذه المدرسة الموسيقية إلى جمعية فنية سنة 2000 وأصبح لها مقر بالمركز الثقافي للشراقة، حيث تضمّ مائة طالب يتفرّعون إلى أربعة أقسام مختلفة المستويات. وشاركت فرقة ''عنادل الجزائر'' في العديد من التظاهرات الفنية عبر ولايات الوطن منها تلمسان، قسنطينة، مستغانم، البليدة وتيبازة، كما تحصّلت ''عنادل الجزائر''، على جائزة أحسن أداء صوتي في مهرجان الموسيقى الأندلسية بالبليدة بالإضافة إلى حصولها على الجائزة الثانية للبراعم الأندلسية في مهرجان الطفولة بمستغانم، وبالمقابل يعدّ مؤسّسها ورئيسها، السيد يوسف أوزناجي، طالبا سابقا للجمعية الموسيقية ''الموصلية الجزائرية'' والأستاذ الكبير سيد أحمد ساري. وللإشارة، يندرج هذا الحفل في إطار تظاهرة احتفال قصر الثقافة ''مفدي زكريا'' بشهر التراث تحت شعار ''التراث الثقافي والمجتمع الجواري'' وذلك إلى غاية الثاني عشر ماي المقبل، من خلال عدد من النشاطات واللقاءات التي تصب كلّها في إحياء شهر التراث الذي تحييه الجزائر من الثامن عشر أبريل إلى الثامن عشر ماي من كلّ سنة. وعلى هامش معرض الفتلة، تحيي فرقة ''العيساوة'' لمصطفى سطوح من عنابة في الثامن والعشرين أفريل المقبل حفلا، على أن تحيي سهرة الخامس ماي المقبل فرقتان، واحدة قادمة من الأوراس الأشم والثانية من وهران .