حطّت عاصمة جرجرة، أمس، بقصر رياس البحر بالعاصمة حاملة معها تراثا تاريخيا ثقيلا يمتد منذ العصور الغابرة يعكس مدى عراقة المنطقة وتجذّرها في الحضارة.فعاليات معرض تيزي وزو تستمر إلى غاية 5 ماي المقبل وستسمح للجمهور باكتشاف جوانب مهمة من تاريخ المنطقة. في حديثه ل »المساء« أشار السيد يوسف بوعاسل، مسؤول المعارض وبرمجة النشاطات بقصر رياس البحر أن المعرض يقام بالتعاون مع مديرية الثقافة لولاية تيزي وزو ويمتد إلى غاية 5 ماي المقبل وذلك احتفالا بشهر التراث الذي أخذ هذه السنة شعار »التراث الثقافي والمجتمع الجواري«. بدوره، سيقوم قصر الريّاس بتنظيم معرض بدار الثقافة بتيزي وزو وذلك من 14 إلى 18 ماي المقبل يتضمّن عدة نشاطات ومعارض للصور وبعض محتويات القصر وذلك لتجسيد شعار التقرب من المجتمع الجواري. للإشارة، يتضمّن معرض تيزي وزو الكثير من الصور والوثائق والقطع الأثرية التي تحكي تاريخ المنطقة منذ فترة ما قبل التاريخ وحتى العصر الحديث إضافة إلى تقديم بعض الخصوصيات الثقافية والاجتماعية للمنطقة والتي كانت نتاج تراكم تاريخي. تحمل التظاهرة شعار »الثراء الثقافي لتيزي وزو« والذي تعكسه الصور الفوتوغرافية والنصوص التاريخية المرفوقة بتقديمات كتبها مختصون، حيث إن لكل فترة تاريخية تقديمها وشروحاتها الخاصة. تيزي وزو هي من بين المناطق الهامة في الجزائر التي عثر فيها على مواقع تاريخية تعود للعصور القديمة والمترامية عبر تراب الولاية. تيزي وزو تمتلك إضافة إلى المواقع التاريخية تراثا تاريخيا لاماديا يعكس هوية المنطقة الثقافية والدينية وكذا في الصناعات والحرف وأسلوب الحياة والفنون والمعارف وغيرها. يتضمّن المعرض أيضا خرائط لحضارات هامة استقرت بالمنطقة، منها مثلا الحضارة الفينيقية التي استوطنت بشواطئ الولاية كأزفون وتيقزيرت وأشاعت بها التجارة ودشنت بها المدن. كما توضح آثار ماسينيسا عظمة هذا الزعيم البربري الذي حلم بإفريقيا موحدة وحرة. تظهر أيضا آثار الحضارة الرومانية بالمنطقة خاصة في المعمار الذي يبرز أكثر في المدن الساحلية. وهكذا تتوالى الحقبات التاريخية لتظهر مرور الوندال ثم البيزنطيين وصولا إلى العهد الإسلامي الذي تغلغل في المنطقة كدين وهوية ثقافية، لذلك تظهر المساجد والزوايا والمدارس القرآنية بكثرة في المنطقة. كما خضعت المنطقة أيضا للحكم الإسباني ثم العثماني التي لا تزال آثارهما إلى الآن خاصة في أبراج المراقبة العسكرية والمتوزعة على مناطق بوغني، سيباعو، تيزي وزو، تزاغار وغيرها. تظهر الصور والوثائق أيضا الفترة الاستعمارية الفرنسية والتي سقطت فيها المنطقة بعد مقاومة استمرت سنوات طويلة، وتظهر المدن الكولونيالية الجديدة التي أقامتها فرنسا للمستوطنين خاصة بتيزي وزو وعزازقة ومكلة وغيرها، إلا أن القبائل ظلوا منفصلين عن هذا المجتمع الجديد وحافظوا على نسيجهم الاجتماعي الذي أعجب به منظّرو الاستعمار أنفسهم وراحوا يدرسونه ويستنبطون منه القيم المختلفة والأصلية.