أكدت وزير الثقافة خليدة تومي ل''السياسي'' أن الشعب الجزائري شعب عاشق للتراث ومكتسبات أجداه، مشيرة إلى انه يعرف تمام المعرفة كيفية الحفاظ على تراثه، حيث لم يقطع الصلة التي مازالت تربطه بأجداده رغم الاضطهاد ومحاولات طمس جذوره الضاربة في عمق التاريخ واستطاع الحفاظ على صناعة الفخار التي تعود حقبتها الزمنية إلى ما قبل التاريخ، وأصبحت تشكل حسبها الرابط المتين بين الإنسان اليوم وإنسان المغرب العربي القديم، باعتبارها المنطقة الوحيدة في العالم التي تحتفل بالتراث وتخصص له مدة شهر كامل، وأكدت أنها فرصة جيدة للدعوة إلى تعميم الاحتفال بشهر التراث في بقية دول العالم العربي، مما يتيح الفرصة للتعرف على ثقافة وتراث الشعوب العربية وتبادل الخبرات فيما بينهم في الميدان· أضافت خليدة تومي أن وزارة الثقافة تعطي إمكانيات كبيرة للحفاظ على التراث، مشيرة إلى أنه هناك ترسانة ضخمة من النصوص التنظيمية، وعمل تنسيقي جبار بين وزارة الثقافة ومؤسساتها والأمن الوطني والدرك والجيش الشعبي الوطني والجمارك، من أجل حفظ التراث الثقافي للجزائر، وقد قطعنا شوطا كبيرا بفضل السياسة المسطرة المتممة والمطبقة في كل سنة''، وبينت أن الهدف من الورشات التي ستقام خلال هذا الشهر تهدف بالدرجة الأولى إلى إعلام المواطن وتوعيته بأن لديه تاريخ يعبر عن هويته· افتتاح شهر التراث أشرفت وزيرة الثقافة خليدة تومي بحر الأسبوع الماضي بقصر رياس البحر على افتتاح معرض الفخار والمهارة النسوية تحت شعار ''التراث الثقافي والهوية''، والممتد حتى 62 أفريل 0102، ويندرج هذا المعرض ضمن الاحتفاء بشهر التراث لسنة 0102، الذي ستنطلق فعالياته عبر كل ولايات الوطن على مدى شهر كامل ابتداء من 81 أفريل إلى 81 ماي، حيث ستضم هذه الأيام عدة نشاطات فكرية وثقافية وفنية تنظم من خلالها مجموعة من الملتقيات والندوات والمعارض والورشات والمسابقات· وقد تم هذا الافتتاح بحضور الوزيرة المنتدبة المكلفة بالأسرة وقضايا المرأة نوارة سعدية جعفر وعبد القادر مساهل الوزير المكلف بالشؤون المغاربية والإفريقية وشخصيات من البرلمان، ومشاركة فنانين من مناطق مختلفة من الوطن بالإضافة لوفد صحفي روسي من قناة روسيا اليوم، وشخصيات إعلامية وفنية ذات الصلة بالمناسبة، وقد خصصت بالمعرض أربع زوايا تمثل كل واحدة منها منطقة من مناطق الجزائر، والمتمثلة في أدرار، تمنراست ، تيبازة، جيجل ويهدف ذلك حسب وزيرة الثقافة إلى إظهار وحدة الشعب الجزائري ووحدة تراثه وثقافاته وعاداته رغم اختلافها من حيث التطبيق والممارسة، وقد رافق الحضور بالمعرض مقطوعات الموسيقى الأندلسية الراقية والحلويات التقليدية الجزائرية التي تعبر في حد ذاتها عن جانب متميز من التراث والعادات الجزائرية الأصيلة، كما تم قراءة البوقالات التي تمثل التقاليد التي طالما تمسك بها أجدادنا في العديد من المناسبات والأعياد، حيث تمثل بالنسبة للجزائريين وقتا حميميا واجتماعيا للتواصل والحوار والتفاعل الإنساني والاجتماعي، وفيها من مواضيع الشعر على أنواعه من فخر ومدح وهجاء، لذا فهي تشكل مخزونا ثقافيا يوضح معتقدات الأجداد وتشكل رابطا متينا يمكننا من فهم طرق تفكيرهم آنذاك· وقد تم عرض مايزيد عن مائة عمل فني متمثل في أدوات الإستعمال المنزلي، أغلبها عبارة عن أوان وأطباق وأباريق فخارية وعلب لبهارات وأوان فخارية، بالإضافة إلى أدوات الزينة كالمزهريات والشمعدانات من مختلف الأشكال، والتي تم عرضها إلى جانب الوسائل التي تسخر في صنعها ، وذلك حسب التقنية المستعملة والخاصة بكل منطقة من المناطق الأربع· تومي: ''كوني فخورة بكونك امرأة جزائرية'' وقد نوهت الوزيرة بفضل السيدات في الحفاظ على هذا الموروث الذي تعلمنه عن أمهاتهن وجداتهن، من خلال الأعمال الفنية التي صنعتها أناملهن، وأكدت أن للمرأة الجزائرية دور هام في الحفاظ على صناعة الفخار والثقافة الأصيلة للمرأة المغاربية عبر التاريخ، حيث تراهن على العمل والإمكانيات التي توفرها الوزارة لتضمن وصول هذا الكنز الثقافي وهذه الصناعة القديمة إلى الأجيال القادمة، وليبقى ميزة يشهد بها العالم على أصالة الثقافة الجزائرية الإسلامية التي بقيت صامدة واستطاعت الحفاظ على هويتها ورموزها، رغم هبوب العواصف بفضل جهود الشعب الجزائري والمرأة على وجه الخصوص، وقد قالت من خلال الكلمة الافتتاحية التي ألقتها أن سالنسوة صانعات الفخار هن أمهاتنا اللواتي تمكن من حفظ جزء واسع وهام من ثقافة وتراث البلد، رغم أنهن لم يلقن حظا من العلم أو الثقافة، ولولا أمهاتنا لما بقي تراثنا على حاله ولزال واندثر''· الإعلام لا يعطي العلماء والثقافة الجزائرية حقها عاتبت وزيرة الثقافة الإعلام الذي يهمش في الكثير من المناسبات العلماء الجزائريين الذين يجتهدون في إطار الحفاظ على الموروث الثقافي الجزائري والحفاظ على الهوية الوطنية لشعبه، وأكدت على ضرورة توعية المواطن الجزائري بوجود علماء جزائريين يعود لهم الفضل في اكتشاف العديد من جوانب الحياة الغابرة بالجزائر، من أمثال الدكتور ستيتي كمال الذي يباشر حاليا الحفريات بمدينة تلمسان العريقة، والأستاذ درياس أول خبير في علم المسكوكات في العالم العربي، والخبيرة في الفترة الرومانية السيدة كلثوم دحو مديرة المركز الوطني للأبحاث الوطنية، حيث تم بفضل هؤلاء وأمثالهم العثور على فسيفساء القصر الملكي حسبها حيث قالت: ''الإعلام لا يقدم القيمة اللازمة للثقافة الجزائرية''، كما أكدت وزيرة الثقافة أنه لا بد من إشراك الخبرات الأجنبية في البحوث والدراسات العلمية بالجزائر في إطار البحث العلمي الذي يتطلب التعاون مع الخبراء الأجانب وتبادل التقنيات· إستراتيجية فعالة لتثمين التراث الثقافي وقد جاءت هذه الحركية الثقافية نتيجة للنقاشات التي دارت في المدة الأخيرة، والتي حاولت النيل من المميزات الاجتماعية والنفسية والمعيشية والتاريخية المتماثلة، التي تعبر عن الكيان الذي انصهرت فيه الهوية الثقافية الجزائرية على مر العصور والأحقاب، حيث أخذت وزارة الثقافة على عاتقها مسؤولية الدفاع على هذه القيم المعنوية الحيوية، باعتبارها القطاع الأول بالجزائر والمعني بصفة مباشرة بموضوع الهوية الثقافية للشعب الجزائري، آخذة في الحسبان العلاقة العضوية التي تربط الهوية بالتراث الثقافي· وقد سطرت وزارة الثقافة في هذا الإطار برنامجا كبيرا لسنة 0102 يهدف إلى إبراز المميزات الكبرى والخصوصيات المعنوية والمادية للجزائر شعبا وأمة، والتي ارتسمت معالمها منذ ملايين السنين عبر مختلف الحضارات التي عرفتها الجزائر، وهو ما وضح سعي وزارة الثقافة لتنفيذ إستراتيجية فعالة في حفظ وتثمين التراث الثقافي الوطني المادي واللامادي· وعليه ستشهد كل ولايات الوطن على مدى كل أيام شهر التراث فعاليات ونشاطات فكرية وثقافية وفنية تمس مختلف أنواع النشاط من ملتقيات إلى ندوات ومعارض وورشات ومسابقات، حيث ستخصص نشاطات لتلاميذ المدارس يتمكنون من خلالها من الاطلاع على ما تزخر به هذه المعارض عبر مختلف الولايات بالوطن، كما سيضطلعون على السبل التي يتعامل من خلالها النساء الجزائريات مع الطين والفخار مما يتيح لهن الشعور بأهمية تاريخهن وحضارتهن، وسيتم نشر برنامج هذه الفعاليات والنشاطات من طرف المعنيين بوزارة الثقافة في الأوقات القريبة القادمة، حتى يتسنى للجمهور العريض ومنه الصحافة بأنواعها الاستفادة و الاطلاع على ما تزخر به الثقافة الجزائرية من تنوع، والعمل على نقلها للمواطنين والجالية في الخارج وحتى الأجانب، وذلك بغرض نقل الصورة المشرقة للثقافة الجزائرية الأصيلة وترسيخها لدى الأجيال