دعا المشاركون خلال اليوم الإعلامي لشبكة البرلمانيين الأفارقة ضد الفساد الذي عقد أمس بالجزائر إلى ضرورة تفعيل القوانين التشريعية التي أدرجتها البلاد في سياق محاربة الآفة، بحيث يلعب البرلمان دوره الرقابي من خلال ضمان المتابعة وإنشاء لجان تحقيق، مشيرين إلى أهمية أن يرقى العمل التطبيقي لهذه القوانين التي تتوفر عليها البلاد إلى مستوى جودتها وملاءمتها. ودعا الدكتور مسعود شيهوب نائب رئيس المجلس الشعبي الوطني الى ضرورة انخراط مختلف الفاعلين الاساسيين في الدولة والمجتمع وتحديدا منظمات المجتمع المدني ووسائل الاعلام والاحزاب السياسية في استراتيجية شاملة وفق تصور محدد يضع المصلحة العامة ويرسي دعائم الحكم الراشد . وتأتي هذه النظرة في سياق استكمال المساعي التي تم البت فيها، حيث اشار السيد شيهوب الى ان الجهود التي بذلتها الجزائر وما تزال تبذلها في مساعيها الرامية لمكافحة الفساد، نابعة من ارادة سياسية صريحة وواضحة للدولة الجزائرية وعلى رأسها رئيس الجمهورية، السيد عبد العزيز بوتفليقة، حيث تستهدف ارساء دعائم دولة الحق والقانون وتهيئة المناخ المناسب لتنمية شاملة ومستدامة. واضاف ان هذه الارادة السياسية قد ترجمت من خلال العديد من النصوص التشريعية والآليات، منها المصادقة على اتفاقية الاممالمتحدة ضد الفساد حيث تعتبر الجزائر من أولى الدول التي صادقت عليها، اصدار القانون المتعلق بالوقاية من الفساد ومكافحته وتعديل الامر المتعلق بقمع ومخالفة التشريع والتنظيم الخاصين بالصرف وحركة رؤوس الاموال من والى الخارج، اصدار قانون الوقاية من تبييض الاموال وتمويل الارهاب، تحيين العديد من القوانين الوطنية ذات الصلة بمحاربة الفساد ولاسيما قانون العقوبات وقانون الاجراءات الجزائية، إنشاء الأقطاب القضائية المتخصصة وادراج اجراءات جديدة في قانون الصفقات العمومية وغيرها من النصوص القانونية التي تؤكد اسبقية الجزائر في محاربة هذه الظاهرة. ورغم كل الجهود المبذولة إلا ان السيد شيهوب يرى ان الآليات القانونية المعتمدة لحد الآن على المستويين الوطني والدولي بحاجة الى المزيد من التفعيل وتتطلب باستمرار تطويرها وتعميقها، من منطلق ان محاربة الفساد تقع على عاتق الجميع دون استثناء ولا تقتصر على الهيئات العمومية وحدها أو ان تنحصر في مجرد ادوات قانونية وتشريعية. من جهتها ابرزت السيدة فريدة إليمي، رئيسة الشبكة حرص الجزائر على تكييف منظومتها التشريعية مع الاتفاقيات الدولية لمكافحة الفساد، اذ يتجلى ذلك من خلال انضمام الجزائر الى شبكة البرلمانيين الافارقة ضد الفساد بصفة رسمية في 19 جانفي 2011 بالسينغال وتمت المصادقة على نظامها الداخلي وخطة عملها في الاجتماعات التي عقدتها الشبكة بمقر المجلس الشعبي الوطني. وأضافت ان هذه الشبكة تعد آلية هامة على مستوى البرلمان الجزائري من اجل تمكين البرلمانيين الجزائريين من الاسهام في مكافحة الفساد وهي تهدف اساسا الى دعم الشفافية والمسؤولية وتعزيز دور البرلمانيين واسهامهم في البرامج الحكومية كأنجع وسيلة من اجل ضمان الرقابة واشراك المواطنين في هذه المهمة. واذ اوضحت ان محاربة الفساد اصبحت من الأولويات لمواكبة كل المتغيرات التي تحدث في العديد من الدول، فقد اشارت الى أن هذا اليوم الإعلامي يأتي تزامنا مع خطاب رئيس الجمهورية الأخير الذي جعل من مكافحة الفساد والوقاية منه من التحديات التي ترفعها الدولة نظرا لانعكاساته الخطيرة على تسيير الشأن العام ومبادئ الحكم الراشد وما تؤدي إليه من اللامساواة الاجتماعية ولما تشكله من عوائق امام تقدم الاقتصاد الوطني. ولم تتردد في التذكير بالدور الذي يجب ان يضطلع به البرلماني في الرقابة والشفافية في تسيير المال العام، داعية في هذا السياق لأن يكون طرفا فاعلا في مكافحة سوء التسيير والرشوة والفساد. وأشارت إلى انه من الضروري وضع استراتيجية للتعاون مع باقي فروع الشبكة الناشطة على مستوى دول افريقيا وكذا الهيئات الدولية من اجل الاسهام في القضاء على الظاهرة. وقد تمحور نقاش بعض المشاركين حول ضرورة متابعة التقارير الصادرة عن الشبكة وتحديد منابع الفساد بالقول انه رغم ترسانة القوانين الصادرة إلا أنها لم تغير من الواقع أي شيء، في حين طالب آخرون بوضع البرلمان ضوابط تشريعية دقيقة مع دعوة الادارة للمساهمة في تجسيد الاصلاحات التي أعلن عنها مؤخرا رئيس الجمهورية. وفي رده على استفسارات المتدخلين رفض السيد شيهوب نكران ما تم تحقيقه في الميدان، مضيفا انه من الظلم اتهام القضاء بعدم تطبيقه النصوص، مؤكدا ضرورة البحث عن آليات لتفعيل التطبيق ومساعدة القضاء في ذلك. كما أشار الى أن ظاهرة الفساد لا تخص الجزائر لوحدها بل هي ظاهرة عالمية وان هناك فضائح فساد في أوروبا اكبر من تلك الموجودة في الدول الافريقية أو دول العالم الثالث. يذكر ان لقاء امس يأتي تمهيدا للملتقى البرلماني الذي تعتزم الشبكة تنظيمه نهاية شهر جوان القادم للبحث عن اليات محاربة ظاهرة الفساد والتي ستسبقها جلسات استماع تجريها الشبكة لعدة قطاعات حساسة في الدولة.