يبدو أن الدول الأوروبية التي أقحمت نفسها عسكريا في تسوية الأزمة في ليبيا وجدت نفسها بعد قرابة ثلاثة أشهر من اندلاع الحرب في هذا البلد في مأزق بعدما فشلت في تبني موقف مشترك إزاء هذه الأزمة التي ازدادت تفاقما مع مرور الأيام. فقد اقر الرئيس الإيطالي جورجيو نابوليتانو أمس بأن الاتحاد الأوروبي غير قادر على تبني موقف مشترك إزاء الأزمة في ليبيا. وقال في رسالة عبر الفيديو نشرت بمناسبة مهرجان أوروبا بفلورانس ''ينبغي أن نؤكد بأن الاتحاد الأوروبي غير قادر على لعب دوره كما ينبغي في الأزمات الجيو-استراتيجية على غرار ما يجري في شمال إفريقيا وإفريقيا خاصة في ليبيا حيث لم يكن لدينا موقف مشترك''. وأضاف في هذا السياق ''في حالة ما إذا لم يكن هناك تحليل وتقييم مشتركان للأزمة في هذه المنطقة من الصعب أن يكون لأوروبا تصور مشترك''. ودعا الرئيس الايطالي الاتحاد الأوروبي إلى ''فرض نفسه كطرف فاعل في مجال الأمن الدولي''. والحقيقة أن مواقف الدول الأوروبية ومنذ بداية الأزمة الليبية عرفت اختلافا واضحا أملته مصلحة كل دولة لا غير فبينما سارعت فرنسا ومعها بريطانيا إلى تبني الحل العسكري أبدت بعض دول الاتحاد الأوروبي تحفظا على هذا الحل ونادت بضرورة فتح الباب أمام الطرق الدبلوماسية أولا. وهو الاقتناع الذي وصلت إليه معظم دول الاتحاد الأوروبي وخاصة تلك المشاركة في العملية العسكرية ضد ليبيا. وهي القناعة التي دفعت بالنرويج المشاركة بست طائرات مقاتلة من نوع ''أف ''16 إلى الإعلان عن تقليص مشاركتها العسكرية في حال فشل حلف الناتو بعد 24 جوان المقبل في احتواء الوضع المتوتر في ليبيا. وقالت وزيرة الدفاع النرويجية غريت فاريمو إن ''النرويج ساهمت كثيرا في المرحلة الأولى من العملية، وفي حال استمرت عملية حلف الناتو إلى ما بعد 24 جوان القادم فإن تقليصا محتملا للمشاركة النرويجية جد وارد''. وأشارت وزيرة الدفاع النرويجية أن الطائرات المقاتلة النرويجية نفذت 351 طلعة جوية أطلقت خلالها 289 قنبلة ضد الأهداف المتحركة مثل الدبابات والأهداف غير المتحركة مثل مراكز القيادة ومخازن السلاح. وتعد النرويج من بين الدول الأولى التي انضمت إلى العملية العسكرية بداية مارس الماضي والمستمرة إلى غاية الآن تحت قيادة حلف الناتو من دون أن تحقق أية نتائج تذكر على مسار احتواء الوضع في ليبيا. غير أن الأمين العام لحلف الناتو اندرس فوغ راسميسن اعتبر أمس أن وقت الزعيم الليبي معمر القذافي قد انتهى وقال في حديث لقناة ''سي. أن. ان'' الأمريكية إن ''أيامه أصبحت معدودة '' وأضاف ''على القذافي أن يدرك سريعا أن لا مستقبل له ولنظامه وان العد العكسي بالنسبة إليه قد بدأ وازدادت عزلته''. وأبدى مسؤول حلف الناتو تفاؤلا كبيرا برحيل القذافي على ضوء موجة الاحتجاجات الشعبية التي يشهدها الشمال الإفريقي وعدد من الدول العربية، لكنه بالمقابل لم يتكهن بالوقت الذي يمكن أن تستغرقه عملية حلف الناتو، لافتا في الوقت نفسه إلى أن الوضع يتطلب حلا سياسيا وليس عسكريا. وقال راسموسن ''حددنا ثلاثة أهداف عسكرية واضحة للغاية هي إيقاف كامل الهجمات ضد المدنيين والسماح لإيصال المساعدات الإنسانية فورا وبحرية ودون عوائق وانسحاب كتائب القذافي والقوات شبه العسكرية إلى قواعدهم وثكناتهم بتحقيق تلك الأهداف عندها تكون المهمة أنجزت''.