فاجأت دعوة أمراء وملوك دول مجلس التعاون الخليجي التي وجهوها للمغرب للانضمام إلى تكتلهم أكثر من متتبع لأنها أخرجت هذا المجلس عن إطار ماهيته الجغرافية بعد أن آثرت دولة في منطقة المغرب العربي على دول في منطقة الخليج نفسها سعت منذ عدة سنوات من أجل قبول عضويتها في أغنى تكتل في العالم. وتفاجأ الكثير من المتتبعين لدى تلاوة البيان الختامي للقمة الطارئة لدول المجلس الخليجي التي انعقدت بمدينة الرياض بالسعودية وهم يدعون المغرب والمملكة الهاشمية الأردنية للانضمام إلى تكتلهم. وأبدت السلطات المغربية على الأقل ظاهريا نوعا من الاندهاش لهذا الطلب وأبدت حسب تصريحات أولية أنها ''ستولي العرض الخليجي أهمية كبرى قصد الانضمام إلى مجلس التعاون الخليجي وأنها ستدرس العرض لتحديد إطار التعاون مع دوله''. ولا يستبعد أن يكون المغرب الذي يعاني من مشاكل اقتصادية جمة خلال السنوات الأخيرة وخاصة في ظل ارتفاع أسعار المواد ذات الاستهلاك الواسع وأسعار الخام هو الذي سعى إلى دول الخليج من أجل إنقاذ اقتصاده من انهيار وشيك. وهي القناعة التي تكرست لدى سلطاته في المدة الأخيرة بعد أن بدأت رياح التغيير العربية تهب بقوة على العرش الملكي من خلال حراك شباني متزايد من أجل تقليص صلاحيات الملك محمد السادس وبدأت تثير مخاوف المملكات العربية في منطقة الخليج ويكون ذلك من بين الأسباب الجوهرية التي دفعت بهم إلى قبول انضمام المغرب إليهم. وهي القناعة السائدة رغم أن المغرب حاول التأكيد في سياق ترحيبه بالعرض الخليجي أنه ''يبقى متمسكا بعضويته في اتحاد المغرب العربي بدعوى أنه خيار استراتيجي أساسي للأمة المغربية''. ولولا ذلك فإنه لا يوجد أي تفسير آخر للقرار الخليجي الذي يكون قد أنهى بواسطته تسمية مجلس التعاون الخليجي وعليه أن يبحث عن تسمية جديدة لهذا التكتل الجديد. والمفارقة أن دولا مثل اليمن المجاورة حدودها لعدة دول خليجية سعت طيلة عقود من أجل الانضمام إلى عضوية المجلس ولكنها لاقت موقف رفض متشدد من الدول الأعضاء بدعوى عدم أهليته لدخول الاتحاد اقتصاديا ومجتمعيا وأيضا سياسيا على خلفية طبيعة النظم اليمني الجمهوري بينما دول مجلس التعاون هي عبارة عن إمارات أو مملكات. وهو ما يفسر اقتصار العرض الخليجي على مملكتي الأردن والمغرب من أجل المحافظة على الانسجام السياسي بين دول هذا التكتل وخاصة وأن الدعوة جاءت في سياق الحراك الشعبي الذي هز كيانات أنظمة عربية بما فيها الخليجية وحتى المغرب والأردن. وتكون دول مجلس التعاون الخليجي قد لجأت إلى خيار توسيع رقعة تكتلهم إلى مملكتين عربيتين بعد الهزة العنيفة التي تعرض لها النظام الملكي في البحرين في مسعى لاحتواء أية هزات محتملة في هذه الدولة أو تلك. ولا يستعبد ضمن هذه المقاربة أن تكون دول الخليج أرادت من خلال هذا القرار الاستغناء عن جزء من العمالة الآسيوية التي أصبح ينظر إليها بعين الريبة في المجتمعات الخليجية وتعويضها بالمغربية والأردنية لتكون متنفسا أيضا للمغرب والأردن اللتين تواجهان أزمة اقتصادية حادة.