العمارة رقم 44 بنهج النصر بأعالي هذا الحي، حيث توحي لك واجهتها الخارجية بأنها آيلة للسقوط، إلاّ أنّ ذلك لا يمكنه أن يصوّر عمق الخطر الذي يتربّص بسكانها في كل لحظة، والوافد لهاته العمارة يستقبله الظلام الدّامس الذي يخيّم على أدراجها الملتوية والمليئة بتشقّقات على جدرانها، أما داخل شقق هذه العمارة فما خفي كان أعظم، حيث وقفنا على تقعّر أرضية الشقق بالإضافة إلى انهيار معظم الأسقف وتشقّق الجدران. وبغرض رفع الخطر على سكان العمارة ذات خمس طوابق، والتي تأوي أكثر من 10 عائلات، قامت مصالح بلدية القصبة بوضع بعض الأعمدة لتدعيمها، إلا أنّه سرعان ما أصبحت هذه الأعمدة تتأرجح في الهواء، حيث بقيت مثبّتة في السقف وانتزعت من الأرضية بسبب تقعّرها. و في حديثنا إلى سكان العمارة لم يكن الأمرهيّنا، حيث وجدنا أنفسنا محل تجاذب بينهم، كل واحد منهم يتسابق من أجل إطلاعنا عن الحالة المزرية التي آل إليها بيته، بالإضافة إلى تماطل السلطات المعنية في ترميمها أو حتى ترحيل العائلات المقيمة بها، إلا أن الأغرب في شهادات العائلات أن هذه العمارة''تمّ ترميمها حسب البلدية، غير أنّ الأطراف التي من المفترض أن تسهر على هذه العملية لم توفي بوعودها، مما عقّد حالة العمارةوأدخل سكانها في دوامة، أمام السلطات المحلية التي تذكرهم في كل مرة بأن العمارة نالت قسطها من الترميم ولا يمكنها تخصيص ميزانية أخرى لها''. وبين مطرقة تماطل البلدية قصد التدخل لإنقاذ سكان هاته العمارة وسندان الخطرالذي يتربّص بهم في كل لحظة، يبقى سكان العمارة رقم 44 بنهج النصر يناشدون الجهات الوصيّة، لعلها تتفطّن لتنقذ أرواحهم. وفي ذات السياق، تجهل الغالبية العظمى من سكان القصبة وجود مخطط دائم لترميم القصبة، ناهيك عن مصادقة أعضاء المجلس الشعبي عليه مؤخرا، رغم أن القانون يقتضي تعليق هذا المخطط على مستوى البلدية و إطلاع الأطراف المعنية به. وحسب أرقام أدلت بها ولاية الجزائر، تضم القصبة 1523 بناية منها 982 بناية تقليدية و541 أخرى بنيت في العهد الإستعماري، كما أن 1415 بناية مأهولة و108 عمارة تم ترحيل سكانها و تسييجها، بالإضافة إلى 370 بناية تم تدعيمها بواسطة أعمدة فولاذية، ومن بين 1163 بناية لم يتم التكفل بها بعد، 48 بناية تستدعي التهديم بعد أن استحال ترميمها، و46 بالمائة من بنايات القصبة توجد في حالة تدهور متقدّم، كما أن 36 بالمائة أخرى بحاجة إلى ترميم و13 بالمائة في حالة عادية تحتاج إلى بعض الإصلاحات السطحية.