إذا أردت أن تعيش الفصول الأربعة في ساعة من الزمن، فاقصد المسرح الوطني الجزائري وبالأخص العرض الذي يحتضنه هذه الأيام بعنوان : ''الفصول الأربعة''، حيث سيأخذك الأطفال إلى أربع محطات زمنية لكل منها خصوصياتها وبصمتها التي لا شبيه لها وهذا في جو غنائي راقص. قدمت فرقة أشبال عين البنيان أمس وأول أمس، بالمسرح الوطني الجزائري، مسرحية ''الفصول الأربعة'' التي مثل فيها مجموعة من الأطفال ليتواصل عرضها اليوم بنفس القاعة. وغصت قاعة مصطفى كاتب بالأطفال وأوليائهم الذين جاؤوا للتمتع بهذا العرض الجميل، ابعد من ذلك، فقد ارتدى الجمهور الطفولي أجمل لباسه وكأنه يحتفل بفرحة العيد، فما أجمل المسرح حينما يجلب إليه هذه الفئة الغضة من المجتمع علّه يكسب بذلك جمهور الغد. وتجاوب هذا الجمهور مع تمثيل الأطفال الذين كانوا جميعهم من الجنس اللطيف ما عدا ممثل ذكر (عبد الحكيم حراث)، وبالأخص مع الأغاني التي قدموها مرافقة برقصات تحت وقع موسيقى خفيفة، توافقت مع العرض الطفولي. وتدخل هذه المسرحية التي يخرجها إسلام محمد عباس، ضمن برنامج فرقة أشبال عين البنيان حول حماية البيئة، حيث هدفت من خلال هذا العمل الاستعراضي، إلى إبراز الخصوصيات المناخية والجمالة لكل فصل في جو حواري بين الشمس والأطفال والأشجار. وتحكي مسرحية ''الفصول الأربعة''، قصة أطفال يقومون بغرس أشجار وتنمو هذه الأخيرة وتكبر إلا أنها تجد نفسها في مواجهة الطبيعة وتقلباتها وفي مقدمتها تعاقب الفصول الأربعة، فتشكو أمرها إلى الشمس، بل تتهمها بأنها وراء كل المحن التي تواجهها وبالأخص العواصف والأعاصير، إلا أن الشمس الحكيمة تقنعها بأهمية كل فصل في سيرورة الحياة وبالتالي في حياة النباتات في حد ذاتها. واعتمد مخرج العمل على شاشة كبيرة عرضت فيها الشمس، التي مثلت دورها سارة إبراهيمي وهي تخاطب الأشجار والأطفال معا، كما ضمت صورا عن الفصول الأربعة تزامن عرضها مع المشاهد المسرحية حولها. وغنى الممثلون الأطفال وبالأخص الذين مثلوا دور الأشجار وهم: ليندة أكدي، ماريا عمارة، منال صافي، سارة ابراهيمي، سارة بطوش وسارة معروف، ثماني أغنيات عن نص وتأليف موسيقي لعمر شتوي، فكانت الأغنية الأولى حول الطبيعة، والثانية عن السقي والثالثة حول فصل الخريف والرابعة عن الفصول الأربعة، أما الأغنية الخامسة لهذا العرض، فكانت عن فصل الشتاء، في حين جاءت الأغنية السادسة ترحب بفصل الربيع، بينما عرضت الأغنية الثامنة مسألة حرّ الصيف، وفي الأخير، جاءت الأغنية الأخيرة مشتركة بين جميع الأطفال حول جمال الفصول الأربعة. وقد تم الاعتماد في العرض المسرحي، على لغة الحوار المباشر، حيث تم على لسان الشمس، عرض جملة من النصائح والمعلومات التي تخص الفصول الأربعة، وكذا طرق وكيفية حماية البيئة من المخاطر، فكان عرضا ترفيهيا وتثقيفيا وتعليميا في آن واحد. وكانت العلامة الكاملة، لسينوغرافيا العرض بتوقيع إسماعيل ليماش بمساعدة نادية العالم، حيث جاء ديكور العرض جميلا ويحمل لمسات إبداعية لا غبار عليها، فظهر إتقان العمل جليا، كما صاحبته أيضا بعض المفاجآت، من بينها طريقة خروج الأشجار من التربة التي تم سقيها من طرف الأطفال، حيث كانت الممثلات اللواتي لعبن دور الأشجار متخفيات داخل أكياس في شكل تراب فكانت المفاجأة حينما خرجن منه. للإشارة، تم قبل عرض المسرحية تكريم الممثل المسرحي القدير عبد الله أورياشي من طرف جمعية أشبال عين البنيان بالتنسيق مع المسرح الوطني الجزائري، وفي هذا السياق نوّه الممثل احمد رابية بمناقب الفنان الذي يعاني من أزمة صحية، كما أشار إلى خصاله الفنية والشخصية. مذكرا في ذات الصدد بالأعمال المسرحية التي مثلّ فيها الفنان، سواء التي تخص الأطفال أو التي تعني الكبار.