أكد الرئيس الفلسطيني محمود عباس أمس إصراره على تحقيق المصالحة الوطنية الفلسطينية وتشكيل حكومة وحدة وطنية بعد التوصل إلى اتفاق في هذا الشأن مع حركة حماس. وقال عباس في ختام زيارة إلى العاصمة التركية استغرقت أربعة أيام وبعد لقاء جمعه بالوزير الأول التركي طيب رجب اردوغان إن السلطة الفلسطينية ستواصل العمل على طريق تحقيق المصالحة الوطنية ولا يوجد هناك أي تراجع عن هذا المسعى. وأكد الرئيس الفلسطيني أننا سنبذل كل ما في وسعنا إلى غاية التوصل إلى توحيد شعبنا وتشكيل حكومة انتقالية''. وجاءت تصريحات الرئيس عباس بعدما ترددت أخبار عن وجود خلافات ظهرت في آخر لحظة بين حركتي فتح وحماس حول مقاربة كل طرف لتشكيل الحكومة الانتقالية بما يفسر تأجيل اللقاء الذي كان من المنتظر أن يجمع خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس بالرئيس عباس الثلاثاء الماضي بالعاصمة المصرية لترسيم اتفاق المصالحة وتشكيل هذه الحكومة. وكان الخلاف الظاهري قائم حول شخص سلام فياض رئيس الحكومة الحالية والذي عبرت حركة حماس رفضها المطلق لشخصه بسبب تعامله معها أثناء أزمة الثقة التي اندلعت بين الحركتين في جوان .2007 وفي مقابل ذلك أصرت حركة ''فتح'' على التمسك به لقيادة الحكومة التكنوقراطية التي ستوكل لها مهمة تحضير وتنظيم الانتخابات الرئاسية والعامة ربيع العام القادم ودفع بها ذلك إلى رفض جمال الخضري الذي رشحته حركة حماس لقيادة هذه الحكومة بمبرر ان جذوره اخوانية وأنه مقرب من حماس. وتكون الزيارتان اللتان قام بها الرئيس عباس وخالد مشعل إلى العاصمة التركية تندرجان ضمن مساعي الدبلوماسية التركية للدخول على خط الخلافات الفلسطينية-الفلسطينية بهدف التقريب بين وجهتي نظر الحركتين. وهو ما يفسر أسباب الزيارة المفاجئة التي قام بها خالد مشعل إلى العاصمة التركية تزامنا مع تواجد الرئيس عباس هناك وهو ما أعطى الاعتقاد أن أنقرة تحاول رأب الصدع الفلسطيني وعدم تضييع فرصة التقارب الأخير في القاهرة المصرية. وإذا كانت لقاءات مشعل مع مختلف المسؤولين الأتراك لم تكشف عن أية معلومات فإن تصريحات عباس يمكن أن تؤشر على بقاء ''شعرة معاوية'' بين الحركتين وهو ما يفسر إصرار الرئيس الفلسطيني على إتمام المصالحة الفلسطينية التي أصبحت أكثر من ضرورية في سياق الأحداث المتسارعة التي تمر بها القضية الفلسطينية وخاصة في ظل الاستيطان اليهودي المتنامي الذي ابتلع مزيدا من الأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية والقدس الشريف. كما أن تأكيد اردوغان على الدعم الذي تقدمه بلاده من اجل تحقيق المصالحة الفلسطينية يعد رسالة واضحة على أن طرفي معادلة المصالحة الفلسطينية قبلا بدخول تركيا على خط هذه المصالحة التي يبدو أن السلطات المصرية الجديدة تجد صعوبات كبيرة في تحقيقها بسبب انشغالها بأوضاعها الداخلية لما بعد ثورة 25 جانفي رغم الاختراق الكبير الذي حققته في اتفاق الرابع ماي الماضي. وربما يكون ذلك هو الذي جعل موسى أبو مرزوق نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس يؤكد أن حكومة التوافق الفلسطينية المرتقبة ستضطلع بمهمات محددة ولن يتبع برنامجها لا سياسات حركة فتح ولا حركة حماس في تصريح حمل مؤشرات لتهدئة العلاقة بين الحركتين. وقال إن مهام الحكومة المقبلة تتلخص في تهيئة الأجواء لإجراء انتخابات رئاسية وتشريعية والمجلس الوطني والإشراف على قضايا المصالحة ومتابعة إعمار قطاع غزة وإنهاء الحصار عليه. وأكد على أهمية تجنب كل ما يسيء للمصالحة ويعيق إجراءاتها وضرورة تطبيق الاتفاق كما تم التوقيع عليه في القاهرة وأشار إلى أن حركة حماس ملتزمة بترشيح كفاءات وطنية لتولي الحكومة المقبلة.