أبدت روسيا والاتحاد الإفريقي توافقا بخصوص البدائل المتاحة لإنهاء الوضع في ليبيا وبادرا لأجل ذلك بالسعي سويا لإقناع مختلف الأطراف ذات الصلة بهذا الصراع بمسعاهما في محاولة لحقن دماء الليبيين وأرواحهم التي تزهق منذ ستة أشهر كاملة. ولأجل ذلك التقى الرئيسان جاكوب زوما رئيس جنوب إفريقيا والموفد الخاص للاتحاد الإفريقي والرئيس الروسي ديمتري ميدفيديف بمنتجع سوتشي على البحر الأسود من اجل بحث آليات هذا التنسيق والدفاع عن مقاربة واحدة ولكن بثقل دبلوماسي اكبر. وقد التقى الرجلان على هامش الندوة الروسية-الأطلسية بهذا المنتجع حيث ينتظر أن يدافع الرئيس ميدفيديف عن فكرة الحل السلمي للمعضلة الليبية أمام ممثلي دول حلف الناتو المتورط في هذه الحرب ويرفض إلى حد الآن كل مسعى لوقف اقتتال الإخوة-الأعداء في ليبيا. وناقش الرئيسان الروسي والجنوب إفريقي فكرة إقناع حلف الناتو بوقف غاراته الجوية على الأهداف الليبية التي يقوم بها في إطار تنفيذ لائحة مجلس الأمن 1973 وذلك ساعات فقط قبل لقاء الرئيس ميدفيديف مع الأمين العام للحلف الأطلسي اندرس فوغ راسميسن في إطار اجتماع روسيا-الحلف الأطلسي. ويتوقع أن يصدر الرئيسان نداء مشتركا في أعقاب قمتهما لدعوة دول الحلف لوقف غاراتها الجوية ضد الأهداف الليبية وعلى خلفية التمكين للمساعي الدبلوماسية لأن تأخذ مجراها من اجل إجلاس الفرقاء إلى طاولة المفاوضات بعد أن اقتنعا بأهمية اطلاع دول ''الناتو'' على حقيقة الموقف وانشغالات الاتحاد الإفريقي من الوضع في ليبيا. يذكر أن الرئيس جاكوب زوما انتقل إلى منتجع سوتشي الروسي على البحر الأسود وفي حقيبته وثيقة ''الاتفاق الإطار'' الذي توصل إليها رؤوساء الاتحاد الإفريقي في قمة مالابو بغينيا الاستوائية نهاية الشهر الماضي والذين أكدوا على حتمية إنهاء الانسداد العسكري في ليبيا عبر المفاوضات المباشرة. ومن بين أهم نقاطها الشروع في مفاوضات دون حضور العقيد الليبي معمر القذافي بهدف إنجاحها ونزولا عند رغبة المعارضة المسلحة الليبية التي حضر ممثلوها أشغال القمة والتي تصر على عدم بقاء القذافي في سدة السلطة في طرابلس كشرط مسبق لقبول خيار الجلوس إلى الطاولة. ويبدو من خلال أولى ردود فعل أعضاء المجلس الانتقالي على هذا المقترح أن موقفهم غير متجانس ورؤيتهم لطريقة إنهاء الوضع غير متوافقة بعد ان تعارضت مواقفهم بين التأييد والرفض في مواقف دفعت إلى طرح الكثير من التساؤلات حول حقيقة موقف المجلس الانتقالي من فكرة المفاوضات بعد أن استحال على المتحاربين حسم الموقف عسكريا. ولم يخف الرئيس الروسي في ظل هذا الانسداد انشغال موسكو إزاء الوضع في ليبيا كما انتقد موقف حلف شمال الأطلسي وخاصة بعد إقدام الجيش الفرنسي على عمليات إنزال جوي للأسلحة للمتمردين ووصفت ذلك بأنها ''انتهاك لقرار مجلس الأمن الدولي رقم .''1973 والأكثر من ذلك فإن محمد القذافي النجل الأكبر للعقيد الليبي اتهم حلف الناتو بإرسال كوموندو من القوات الخاصة إلى ليبيا من اجل ''تصفيته جسديا'' بعد أن فشلت كل محاولات قصف قصوره والملاجئ المحصنة التي يختبئ فيها. ورغم المساعي الدولية المكثفة من اجل حقن دماء أبناء الشعب الليبي فإن اللهجة اشتدت بين طرفي الحرب ضمن عناد في المواقف قد يعيق كل مسعى لإنهاء حالة الحرب هذه. فبينما أكد سيف الإسلام القذافي نجل الرئيس الليبي كل فكرة لمغادرة والده السلطة تحت أي سبب أكد رئيس المجلس الانتقالي مصطفى عبد الجليل من جهته بانعدام أية فرصة في الوقت الراهن لبقاء القذافي ليس في السلطة فقط ولكن في كل ليبيا. وأكد أن المخرج الوحيد الذي بقي أمامه هو مغادرة السلطة ومواجهة العدالة الليبية. ولم يتأخر سيف الإسلام القذافي في الرد على هذه الشروط وأكد من جهته باستحالة التوصل الى حل للأزمة الليبية لا تشمل والده. وذهب في حديث لصحيفة ''لوموند'' الفرنسية بعد طول غياب عن الساحة الإعلامية أن المعارضة المسلحة ستخسر الحرب سواء بدعم حلف الناتو أو بدونه.