يبدو أن المقاربة الغربية بصفة عامة والأمريكية بصفة خاصة المتعلقة بمحاربة الإرهاب في منطقة الساحل الإفريقي تفتقر إلى المعطيات الموضوعية الواجب اعتمادها في مثل هذه القضايا الحساسة. فالمنطقة التي باتت تحت السيطرة بفضل المقاربة الجزائرية لمعالجة الموضوع والجهود التي تبذلها من أجل احتواء هذه الظاهرة هاهي اليوم مهددة بعودة قوية للعمليات الإرهابية وما يتبعها من عمليات التهريب للمخدرات والأسلحة، بعد الانفلات الذي عرفه النزاع المسلح في ليبيا وانتشار السلاح بها على نطاق واسع وخروجه منها ليقع في أيدي العصابات الإرهابية وشبكات الجريمة المنظمة. ومن هنا يطرح السؤال ''ماذا يريد الغرب من منطقة الساحل؟ بعد عدوان الحلف الأطلسي على ليبيا بتدخله العسكري في نزاع داخلي يمكن حله بالحوار وبالطرق السلمية، ويزيد طرح هذا السؤال إلحاحا عندما تتدخل الدول الاستعمارية السابقة إلى جانب فريق ضد الآخر في خرق صارخ لقرارات مجلس الأمن الدولي. إن تعاطي الغرب مع القضايا العربية والإفريقية كان دائما محل تساؤل لسبب بسيط وهو أنه بدل أن يعالج الأزمات يزيد من حدتها ويحولها إلى حروب أهلية تأتي على الأخضر واليابس قبل أن يفرض تدخلا عن طريق الهيئة الأممية لا لشيء سوى لخدمة مصالحه الاقتصادية والاستراتيجية على حساب الشعوب التي تكتوي بهذه الأزمات المسلحة والتي -للأسف- يزودها الغرب بأسلحة الدمار. فهل يدرك الغرب قيمة التحذيرات من عواقب استمرار النزاع المسلح في ليبيا على منطقة الساحل وما جاوره أمنيا واقتصاديا واجتماعيا؟