عاشت منطقة الساحل في الفترة الأخيرة تقلبات عديدة أثرت بشكل مباشر على المغرب الكبير، في مقدمتها الأزمة الليبية ومقتل زعيم التنظيم الإرهابي القاعدة "أسامة بن لادن"، مما خلق أزمة أمنية متصاعدة الخطر على منطقة الساحل وأضحت تهدد كيان العديد من الدول. وفي هذا السياق، وبغية معرفة تأثيرات وانعكاسات ما يحدث، كان لنا حوار مع السيد محند برقوق مدير مركز الشعب للدراسات الإستراتيجية بالجزائر. "الأمة العربية": كيف تعلقون على الأزمة الليبية في مرحلتها الأولية وبعد تأزمها؟ محند برقوق: ليبيا تسير نحو الانهيار، فالمرحلة الأولى كانت انقسام في مراكز العنف بين نظام القذافي والثوار في شرق ليبيا. أما المرحلة الثانية، فكانت شاهدا على توسع رقعة العنف مع انعدام السيطرة على الأسلحة الصغيرة والأسلحة التكتيكية التي تسربت من ليبيا إلى دول أخرى والتي طرحت إشكالية باتت تهدد بتغيير المعادلة الأمنية في الساحل. والجدير بالذكر، هو قضية التنافس الدولي حول من سيحكم ليبيا. وهذه القوة المحركة هي الأكثر أهمية، خاصة وأنه لم تعد هناك أي سيطرة على الأمن في ليبيا، بحيث أن حوالي 1.550.000 كلم مربع دون رقابة أمنية ويبقى خطر الحدود التي يسهل اختراقها لاسيما وأنها تطل على عدة جبهات التشاد، النيجر والجزائر. قضية الحدود وسهولة تنقل الأشخاص والأسلحة، يعني أن دول المنطقة تواجه خطر انفجار بركان متحرك، فما هي الصراعات المتجدرة في منطقة الساحل؟ إن التصعيد الأمني وقضية الحدود هي في حد ذاتها بركان متحرك يهدد بالانفجار من الناحية الأمنية، لا سيما وأن الصراعات التي تواجه المنطقة خطيرة، في مقدمتها الإرهاب العابر للحدود مقارنة بعدم قدرة الدول أمنيا على توفير الحماية في ظل ما يعرف بالجبهات العرقية بين الشمال والجنوب في موريتانيا وصراع الطوارق شمال مالي وشمال النيجر، هذا على غرار سوء التسيير في اتخاذ القرار حول قضايا الأمن الوطني في مالي والنيجر بشكل خاص بل أيضا على المستوى الإقليمي. لذا، فإن تداعيات الحرب في ليبيا خطيرة سيما على دولة النيجر والجزائر بوجه أخص. يبدو أن المخاطر التي تواجه منطقة الساحل حركت العديد من الدول الغربية فكيف ترون ذلك؟ بلدان الساحل تُشكل منطقة قلق بالنسبة للبلدان الغربية بحكم تواجد مستثمراتها والمصالح القائمة هناك، الأمر الذي يجبر على التعاون مع بلدان الساحل، لاسيما فيما يتعلق بمكافحة الإرهاب ومن بين مظاهر التعاون هي الحوار مع البلدان الإفريقية أو ما يعرف حوار "أفريكوم". ورد كثيرا عند طرح قضايا مجابهة تهديدات القاعدة في بلاد المغرب الكبير مصطلح 'المقاربة الشاملة' لمكافحة الحركات الإرهابية فما المقصود من ورائه؟ إن الحركات الإرهابية النشطة بالساحل متصلة بأشكال أخرى من النشاطات الإجرامية لدعم خطوطها منها تهريب الأسلحة والمخدرات والإرهاب بحاجة إلى تهريب الأسلحة لإمداداته الخاصة وتهريب المخدرات للتمويل وفيما يخص المقاربة الشاملة، هناك حاجة في البداية إلى إصلاح صنع القرار السياسي، خاصة في البلدان التي ليست لديها ثقافة الهوية الوطنية. لهذا نواجه وضعًا عرقيًا وطنيًا يزداد سوءًا بسبب ضعف توزيع الثروات. وهناك مشكل يتعلق بالعدالة التوزيعية والتمثيلية. مما يحتم مساندة الجهود التنموية لهذه البلدان لدعم مسارها التنموي، لاسيما وأن العديد من دول الساحل تفتقر إلى الموارد البشرية واللوجستيكية لمجابهة الإرهاب ولهذه الأسباب لابد من مقاربة شاملة مع الشركاء. وردت إلينا معلومات عن الحوار الذي سيجمع بلدان الساحل بالأمم المتحدةبالجزائر، فهل يعني هذا أن الجزائر مستعدة لقيادة حرب إقليمية ضد الإرهاب؟ نعم.. سينعقد بالجزائر العاصمة مطلع سبتمبر المقبل لقاء بين بلدان دول الساحل والأمم المتحدة، لا سيما وأن هناك إجماع دولي على ما لعبته الجزائر في حفظ الاستقرار بالمنطقة سواء من الجانب الأمريكي أوالفرنسي حول هذا الدور. من ناحية أخرى، انعقاد هذا الاجتماع في الجزائر العاصمة يعني أن هناك اعترافًا دوليًا بالمقاربة الجزائرية للتهديد الإرهابي كما أن قرار سنة 2004 حول خطر دفع الفديات كان بمبادرة جزائرية أيدها قادة بلدان الاتحاد الإفريقي. وسيكون بلا شك اللقاء الذي ستحتضنه الجزائر مفهوم جديد لمعنى التضامن الدولي لمكافحة الإرهاب.