أبرز المؤرخون والمختصون في تاريخ ثورة التحرير، أمس، بالجزائر العاصمة، الدور الريادي الكبير الذي لعبه الشهيد العقيد محمد زعموم المعروف باسم ''سي صالح'' في التحضير اللوجيستيكي للثورة من خلال انشغاله ببحث قضية الحصول على الأسلحة من الدول الشقيقة. وأكد المختص في الكتابات التاريخية المؤرخ الأستاذ محمد عباس في ندوة تاريخية نظمتها جمعية مشعل الشهيد بالتنسيق مع منتدى جريدة ''المجاهد'' عرفانا للشهيد البطل سي صالح في الذكرى الخمسين لاستشهاده، أن العقيد محمد زعموم كان أحد أبرز القادة العسكريين الذين شرعوا في التحضير والإعداد للثورة بمنطقة القبائل رفقة البطل كريم بلقاسم سنة ,1956 إلى جانب تكفله بمعية رفاقه المجاهدين بالولاية التاريخية الرابعة ببحث كيفية الحصول على السلاح والذخيرة سنة 1957 بعد خلافته للشهيد العقيد أمحمد بوقرة. وأوضح عباس مستعرضا السيرة النضالية للرجل في صفوف جيش التحرير الوطني، أن العقيد سي صالح فضّل الكفاح السري عند اندلاع ثورة التحرير المباركة لاسيما بعد اعتقاله من قبل السلطات الفرنسية الاستعمارية وإطلاق سراحه سنة ,1954 حيث تفرّغ بعد انضمامه للمنظمة الخاصة لمساعدة رفاقه المجاهدين بتزويدهم بوثائق هوية مزيفة مكنتهم من القيام بالعديد من العمليات العسكرية والمدنية. كما أضاف المحاضر أن سي صالح يعد من بين الأوائل الذين حاولوا الاتصال بالجنرال ديغول في محاولة لإيجاد تسوية للقضية الجزائرية، وهذا عقب الظروف الصعبة التي كانت تعيشها الولاية التاريخية الرابعة في مواجهة جيوش الاستعمار هذه الأخيرة التي شددت الخناق على تحركات المجاهدين. ومن جهته، أشار المجاهد عمّار بن تومي في مداخلة له إلى التحركات الحثيثة التي كان يقوم بها العقيد سي صالح لاسيما على الصعيد الخارجي من خلال اتصالاته ببعض الدول كتونس والمغرب لبحث كيفية تزويد الثورة بالسلاح والذخيرة والوسائل اللوجيستيكية وهو ما جعله أحد القادة العسكريين الذين كان لهم صيت دولي. كما تطرق إلى التدريب والتكوين العسكري الذي كان يشرف عليه الشهيد سي صالح لفائدة المجاهدين وضباط جيش التحرير الوطني. ومن جهة أخرى، عرفت الندوة مداخلة العديد من إطارات الولاية التاريخية الرابعة وأعضاء من الحركة الوطنية تناولوا خلالها السيرة الذاتية للشهيد ودوره في زرع الروح الوطنية في صفوف رفاقه المناضلين. ويعد العقيد محمد زعموم المعروف باسم السي صالح من مواليد نوفمبر 1928 بعين طاية بالجزائر العاصمة بدأ نشاطه السياسي مبكرا رفقة أخيه علي، أصبح عضوا في المنظمة الخاصة ومسؤولا عن خلايا بمناطق مختلفة من القبائل. وبعد أن أفرجت عنه السلطات الاستعمارية سنة 1956 عين عضوا بمجلس الولاية التاريخية الرابعة، حيث تكفل بجلب السلاح والعتاد الحربي. وكان استشهاد العقيد سي صالح خلال كمين نصبته له القوات الاستعمارية، حيث استشهد قرب أمشدالة بالبويرة في 20 جويلية ,1961 وهذا عندما كان في طريقه إلى تونس لتوضيح قضية اتصاله بالجنرال ديغول للحكومة المؤقتة.