أكد أمس الدكتور محمد لحسن زغيدى أن بيان أول نوفمبر يبقى من أهم الوثائق التاريخية التي يهتم بها الباحثون حاليا في العالم نظرا للصيغة الدقيقة التي جاء بها، حيث تمكن من الترجمة صفة الاستعمار الذي دام لمدة أكثر من ربع قرن تقريبا وكذا مطالب شعب برمته عانى من ويلاته ، وتحولت مبادئه إلى شبه قوانين سار عليها ميثاق الصومام، وقال الدكتور أن هذه الوثيقة قد أذهلت الكثير من المؤرخين لكيفية صياغتها التي تحتوى حسبه على 662 مفردة جاءت في 9 فقرات راعى مضمونها الاختصار في الكلمات والتدقيق في المعنى ليبقي بذلك نموذجا يحتذي به ووثيقة صالحة لأي زمان ومكان إذ أصبح له صدى كبير ومرجع للعديد من الحركات التحررية في العالم . ومن جهة أخرى كشف الدكتور لحسن زغيدى خلال مداخلته في الندوة الصحفية التي نظمتها جمعية مشعل الشهيد بالتنسيق مع جريدة المجاهد وبحضور طلبة المدرسة العليا لشرطة شاطوناف وجمعا غفير من المجاهدين أن بيان أول نوفمبر ضم في طياته 13 بعدا اختلفت في المساحة التي شفرتها ، منه البعد الشعبي الذي جاء في عشر نقاط حيث عبر عن التجربة النضالية للجزائريين من سرية العمل والتنسيق المحكم ، إلى جانب البعد الديمقراطي الذي أقر المشاركة السياسية لكل الجزائريين، والبعد الإنساني ،الديني ، الحضاري ، الثقافي والسلمي وغيرها من الأبعاد. وقال المتحدث أن ما ميز أكثر هذه الوثيقة هو إكتسابها الطابع السلمي إذ لم يرد فيها مصطلحات الوحشية واللا إنسانية وهو برهان آخر للفرنسيين أن من حرك الثورة الجزائرية هي نخبة ذات مستوى تعليمي راق وليسوا مجرد أناس عاديين أو وحشيين كما كان الخطاب الكولونيالي يصفهم ، وأوضح الدكتور أن أول دولة نادت إلى احترام حقوق الإنسان في العالم كانت دولة الأمير عبد القادر حيث تضمنت قوانين صارمة حثت على حفظ كرامة سجناء الحروب ولهذا الغرض دعا المدير السابق للمتحف المجاهد الجيل الحالي إلى ضرورة التدقيق في قراءاتهم لبيان أول نوفمبر باعتباره خطوة أخرى لفهم مسار الحركة الوطنية آنذاك. وعلى صعيدا آخر ذكر الصحفي محمد عباس أن فضل كتابة البيان يعود أساسا إلى الشهيد محمد العيشاوى و عائلة آل زعموم التي تولت أمر نسخه وهذا بحضور مجموعة من قادة الثورة أمثال بوضياف، ديدوش مراد وقال عباس أن الشهيد العيشاوى قد تعرض لتعذيب دام تسعة أيام في فيلا ثم نقل إلى سجن تيزى وزو أين حكمت عليه المحكمة بالحبس 18 شهر بعدها انضم إلى الولاية الرابعة ليستشهد بعد ذلك سنة 1959 بعد أن داهمهم الاستعمار داخل أحد الغيران، أما عائلة آل زعموم فذكر الصحفي أنها قدمت كل ما لديها لثورة التحريرية حيث أن معظم أفرادها من شهداء الثورة التحريرية .