تتوجه أنظار الأمريكيين إلى مقر الكونغرس الأمريكي لمعرفة نتائج القبضة الحديدية بين نواب الحزبين الجمهوري والديمقراطي الذين اختلفوا في كيفية معالجة أزمة المديونية العمومية التي بلغت حدا لم يعد يطاق وتوشك أن تجعل اكبر قوة اقتصادية في العالم عاجزة عن سداد ديونها. وهي النهاية التي يمكن أن يبلغها الاقتصاد الأمريكي في الثاني أوت القادم في حال فشل نواب الحزبين في التفاهم حول طريقة فض هذا النزاع الذي يحمل في طياته حسابات سياسية على علاقة مباشرة بالانتخابات الرئاسية خريف العام القادم. وبنظر متتبعين فإن تداعيات هذه الأزمة في حال استحال التوصل إلى حل بشأنها فإنها ستأخذ أبعادا عالمية وقد تعصف بالاقتصاد العالمي الذي سيدخل دون شك في أزمة نمو شبيهة بالأزمات التي هزت الاقتصاد الرأسمالي نهاية تسعينيات القرن الماضي وقبل عامين بسبب أزمة الائتمان الرهني التي أدت إلى إفلاس عشرات البنوك الأمريكية. وفي محاولة لتفادي مثل هذا السيناريو الكارثي دعا الرئيس الأمريكي باراك اوباما أعضاء الحزب الجمهوري إلى تفادي إفلاس الاقتصاد الأمريكي من خلال إيجاد أرضية توافقية مع إدارته وقال بإمكانية التوصل إليها خلال الأيام القادمة في موقف حمل الكثير من التفاؤل بخصوص أفق مالي اسود. وتتواصل لعبة شد الحبل بين الجمهوريين والديمقراطيين بأكثر قوة في وقت استمر فيه تراجع قيمة الدولار بشكل لافت أمام العملة الأوروبية وبشكل أصبح يهدد الورقة الخضراء في الأسواق المصرفية متأثرة بحجم ديون الخزينة العمومية الأمريكية والذي فاق شهر ماي الماضي عتبة 14300 مليار دولار. واقترح هاري ريد رئيس كتلة الديمقراطيين في مجلس النواب الأمريكي مخططا لتخفيف العجز بمعدل 700,2 مليار دولار بحلول عام 2013 بينما اقترح رئيس كتلة الحزب الجمهوري رفع سقف الدين على مرحلتين تكون الأولى خلال شهري فيفري ومارس القادمين بينما تكون الثانية بحلول عام 2013 . وفي ظل استمرار الجدل بين الأمريكيين وافتقادهم لحل في أفق أزمتهم حذر صندوق النقد الدولي من احتمالات متزايدة لتعرض الاقتصاد الأمريكي لصدمة قوية في حال تأخر الكونغرس الأمريكي في إيجاد صيغة توافقية بين نوابه لإيجاد مخرج لهذه الأزمة المستفحلة منذ عدة أشهر. وبنى صندوق النقد الدولي توقعاته انطلاقا من حجم الدين العام الأمريكي الذي أصبح يعادل نسبة 99 بالمئة من الناتج المحلي الخام في 2011 ويتوقع أن يتعدى سنة 2012 عتبة 103 بالمئة وهو ما يعني بطريقة آلية إعلان الولاياتالمتحدة عن إفلاس اقتصادها وعدم قدرتها على سداد ديونها. وفي محاولة منها لتهدئة الاقتصاديات العالمية المرتبطة ارتباطا وثيقا بالعملة الأمريكية طمأنت وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون المجموعة الدولية بأن الكونغرس سيصل في أقرب الآجال إلى اتفاق ينهي خلافات نوابه حول سقف الدين العمومي الأمريكي.