تحركت الإدارة الأمريكية بشكل لافت هذه الأيام في محاولة لإحداث اختراق انتخابي قوي أسبوعين قبل موعد إجراء انتخابات التجديد النصفي في الكونغرس الأمريكي المنتظر تنظيمها في الثاني من الشهر القادم.وتحرك الرئيس باراك أوباما ونائبه جون بايدن وزوجته ميشال في مختلف الولايات في رحلة استقطاب للناخبين بهدف استعادة شعبية أصيبت بانتكاسات متلاحقة بعد أن فشل الرئيس أوباما في تجسيد شعار التغيير الذي رفعه للفوز بمقعد الرئاسة الأمريكية. وأكدت كل نتائج سبر الآراء التي ''فقستها'' هذه الأيام معاهد الاستقراء في الولاياتالمتحدة أن صورة الرئيس الأمريكي والحزب الديمقراطي ما انفكت تتدهور لصالح الحزب الجمهوري الذي بدأ يعود تدريجيا إلى الواجهة مستغلا انتكاسات خصمه الديمقراطي. وأحدثت هذه العودة خوفا متزايدا في أعلى هرم الرئاسة الأمريكية التي أرغم رئيسها على التحرك شخصيا قبل فوات الأوان معتمدا في هجومه الانتخابي المضاد على استراتيجية أراد من خلالها رمي الكرة في معسكر نواب الحزب الجمهوري الذين اتهمهم بعرقلة الإصلاحات التي وعد بها ولكنه لاقى جدار صد قوي حال دون تجسيدها. وتحرك الرئيس أوباما للدفاع عن هذه المقاربة في وقت أوكلت لنائبه جون بادين مهمة إقناع الطبقة المتوسطة بعدم الميل كل الميل باتجاه الجمهوريين وخاصة وأنها الشريحة الانتخابية التي بإمكانها إحداث الفارق الانتخابي ومن كسب ودها من الحزبين ضمن الفوز في أية انتخابات أمريكية. أما ميشال اوباما سيدة امريكا الاولى فقد خاطبت الأمريكيين بلغة فيها الكثير من عبارات الود والعاطفة بعد أن طالبتهم بالتحلي بالصبر وان قانون إصلاح المنظومة الصحية إلا بداية لإصلاحات أكثر جرأة وبما ينفع كل البسطاء من الأمريكيين. وتحركت الرئاسة الأمريكية على أكثر من صعيد بعد أن استشعرت درجة الخطر الذي بدا يشكله الحزب الجمهوري على الأغلبية التي يحظى بها الحزب الديمقراطي في الكونغرس بقناعة أن كل اختلال في التركيبة الحالية يعني أن باراك أوباما سيجد نفسه محاصرا فعلا في تجسيد سياسة التغيير التي حمل شعارها في الانتخابات الرئاسية الماضية وأهلته ليكون أول رئيس اسود يدخل البيت الأبيض. وهي مهمة اعترف الرئيس اوباما بأن تحقيقها صعب وان الانتخابات القادمة ستكون أصعب في تلميح إلى أنه لم يقدم المقابل للناخبين الأمريكيين حتى يجددوا ثقتهم فيه بمناسبة هذه الانتخابات بعد أن اعترف بتراجع الوهج الانتخابي الذي رافق انتخابات نوفمبر 2008 وأعطى مثالا على ذلك بفشله في التقليل من أثار نسبة البطالة التي بلغت مستويات غير مقبولة في الولاياتالمتحدة. ولكنه بخطاب براغماتي دعا الناخبين إلى عدم الاستسلام وترك الطريق أمام الجمهوريين ل''تكريس تراجع الولاياتالمتحدة''، تلميحا منه إلى الصعوبات التي يواجهها مرشحو حزبه في عدة ولايات والتي مالت كفة وعائها الانتخابي لصالح الجمهوريين. ويكفي هؤلاء 39 مقعدا فقط في مجلس النواب لاستعادة الأغلبية التي فقدوها في الانتخابات العامة الماضية وهو عدد اجمع الكثير من المتتبعين للشأن السياسي الأمريكي أنها في متناولهم بينما يكفيهم الحصول على عشرة مقاعد فقط في مجلس الشيوخ لإحداث الاختلال اللازم لترجيح الكفة لصالحهم. وإذا حصل ذلك فإن الرئاسة الأمريكية ستكون حينها أمام حسابات سياسية جديدة ستنعكس بكل تأكيد على قرارات الرئيس الداخلية والخارجية. .