تبقى الأزمة الليبية على حالها دون أية مؤشرات لتسويتها في المستقبل القريب في ظل تباعد مواقف الفرقاء وإصرار كل طرف على التمسك بمواقفه المبدئية الرافضة لتقديم أي تنازل باتجاه تسوية سلمية لهذه المعضلة المستعصية. وهو الأمر الذي أكده عبد الإله الخطيب المبعوث الأممي الخاص إلى ليبيا خلال لقائه قادة المعارضة المسلحة في بنغازي والمسؤولين الليبيين في العاصمة طرابلس. وهي الزيارة التي استمع خلالها الخطيب إلى نفس الخطاب سواء في بنغازي أو طرابلس مما جعله يؤكد أن الطرفين المتنازعين لا يزالان بعيدين كل البعد عن التوصل إلى اتفاق حول حل سياسي لاحتواء الوضع المتفاقم في هذا البلد. وكان الدبلوماسي الأممي التقى الإثنين الماضي بممثلي المجلس الانتقالي الوطني الذي أسسته المعارضة المسلحة في بنغازي قبل أن ينتقل إلى طرابلس، حيث التقى برئيس الوزراء الليبي بغدادي المحمودي. ولكن الخطيب الذي أكد أن كلا الطرفين جددا رغبتهما في مواصلة التعاون مع الأممالمتحدة للبحث عن تسوية حث النظام الليبي على الالتزام بمسار سياسي يقود إلى تسوية سلمية تستجيب للتطلعات الشرعية للشعب الليبي. وهي دعوة بدا من خلالها الخطيب وكأنه يحمل النظام الليبي مسؤولية عرقلة المساعي الأممية والدولية الرامية إلى احتواء الوضعية الليبية بالطرق السلمية وبأقل الأضرار الممكنة. وتحاول الأممالمتحدة بالتنسيق مع الاتحاد الإفريقي وباقي المجموعة الدولية إقناع طرفي النزاع الليبي إلى وقف إطلاق النار من أجل التوجه سريعا إلى تبني عملية سلمية لإنهاء الأزمة في ليبيا. وفي هذا السياق كشفت مصادر دبلوماسية موريتانية أن الموفد الأممي سيقوم قريبا بزيارة إلى العاصمة نواكشوط للقاء الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز ورئيس اللجنة الرفيعة المستوى التي شكلها الاتحاد الإفريقي لتسوية الأزمة الليبية. وأوضحت المصادر أن الدبلوماسي الأممي سيبحث مع الرئيس الموريتاني تبني الأممالمتحدة لخارطة طريق الاتحاد الإفريقي لتسوية الأزمة الليبية سلميا والتي تنص على تنحي العقيد الليبي معمر القذافي الطوعي عن السلطة وأن لا يكون طرفا في أية مفاوضات بين المتمردين وأنصار النظام في طرابلس. ويتوقع مراقبون في نواكشوط أن يعود وزير الخارجية الموريتاني حمادي ولد حمادي إلى بنغازي لمقابلة ممثلي المجلس الوطني الانتقالي من اجل تعميق النقاش حول المقترحات الإفريقية ليتوجه بعدها إلى طرابلس للغرض ذاته. وفشلت إلى غاية الآن كل الجهود الرامية إلى إقناع العقيد القذافي على التنحي طواعية عن الحكم بل على عكس ذلك فالنظام الليبي لا يفوت فرصة إلا ويؤكد فيها أن رحيل القذافي عن السلطة ليس موضوع نقاش. وهي القناعة التي جددها رئيس الوزراء الليبي خلال لقائه الموفد الأممي في رده على تصريحات وزير الخارجية البريطاني الذي أعلن اعتراف لندن بالمجلس الانتقالي الوطني الذي شكلته المعارضة المسلحة في بنغازي كممثل وحيد للشعب الليبي. وقال البغدادي ''مع كل احتراماتي لوزير الخارجية البريطاني فإنه ليس من حقه ان يقرر في مكان الشعب الليبي''. وكان هيغ وجه دعوة إلى المجلس الانتقالي لتعيين ممثل دبلوماسي جديد بدلا من السفير الليبي الحالي. ويكون الدعم الدولي الذي يحظى به المجلس الانتقالي سواء على المستوى العسكري او الدبلوماسي جعله يتمسك بمواقفه المبدئية إلى درجة انه اعتبر أمس أن العرض الذي كان موجها للقذافي للبقاء في ليبيا قد انتهى. وبقراءة بسيطة لمثل هذا الموقف الذي يأتي في توقيت مميز كثفت فيه الأممالمتحدة من مساعيها لتقريب وجهات نظر الفرقاء الليبيين نجد أن مهمة الموفد الأممي عبد الاله الخطيب ستزداد صعوبة ويتعين عليه بذل المزيد من الجهود مع كل الأطراف المعنية في داخل ليبيا وخارجها عله يتمكن من مسك رأس الخيط لتسوية دبلوماسية ازدادت القناعة بأنها تبقى الحل الأفضل للمعضلة الليبية. وهو حل أصبح حاجة ملحة خاصة وأن حلف الناتو الذي يقود عملية عسكرية بهدف حماية المدنيين في ليبيا خرج عن الأهداف المسطرة بقتله للمدنيين في هذا البلد مما فتح المجال أمام رفع دعاوى قضائية ضده. ورفع خاليد حميدي وهو مواطن ليبي دعوى قضائية ضد الناتو عبر العدالة البلجيكية بتهمة قتله لزوجته وأولاده الثلاثة في قصف جوي استهدف والده المقرب من النظام.