طالب رئيس جنوب إفريقيا جاكوب زوما أعضاء المجلس الانتقالي المعارض في ليبيا الشروع فورا في مفاوضات مع نظام العقيد الليبي معمر القذافي ضمن مخرج وحيد لإنهاء الأزمة الليبية المتواصلة منذ ستة أشهر. وجاءت دعوة الرئيس زوما باتجاه المجلس الانتقالي مباشرة بعد عودته من العاصمة الروسية، حيث التقى بالرئيس ديمتري ميدفيدف الذي تناول معه آخر تطورات الموقف في هذا البلد وكذا مسألة تنسيق جهودهما لتغليب خيار الحل الدبلوماسي لإنهاء هذه المعضلة. وقال زوما انه شدد مع نظيره الروسي على أهمية الشروع في مفاوضات فورية وعاجلة وقد طلب لأجل ذلك مساعدة حلف ''الناتو'' لإقناع المجلس الانتقالي بالتراجع عن بعض شروطه المسبقة التي حالت إلى حد الآن دون إنهاء الاقتتال بل جعلت من المستحيل الدخول في أي مفاوضات مباشرة. وكان الرئيس زوما يشير إلى إصرار المجلس الانتقالي على مغادرة العقيد القذافي البلاد كشرط أولي قبل الشروع في أية مفاوضات مع النظام الليبي وهو الأمر الذي رفضته السلطات الليبية. ويكون الرئيس الجنوب إفريقي قد حصل على ضمانات روسية واضحة بإمكانية لعب موسكو لدور أكثر فعالية لدى الحلف الأطلسي على اعتبار انه الجهة الداعمة للمعارضة الليبية المسلحة ولولاه لما تشبث بعض أعضاء المجلس الانتقالي بموقفه الرافض لأي حل تفاوضي رغم الآثار الكارثية التي خلفتها الحرب الدائرة رحاها في مختلف المدن الليبية. وهو الدعم الذي أكد عليه زوما أيضا عندما أكد أن الرئيس ميدفيديف أيد ما جاء في خطة خارطة الطريق الإفريقية لإنهاء الأزمة الليبية واقتنع أن الحل العسكري ليس الحل الأمثل في ليبيا. يذكر أن زوما التقى أيضا خلال زيارته إلى روسيا بالأمين العام للحلف الأطلسي أندرس فوغ راسميسن الذي تناول معه تطورات الوضع في ليبيا في محادثات وصفها الرئيس زوما بالايجابية. ويكون هذا التجاوب الذي أبداه الأمين العام الأطلسي مع المقاربة الإفريقية هو الذي دفعه إلى دعوة أعضاء من الحلف إلى الاجتماع في مقر الناتو بالعاصمة البلجيكية يوم 13 جويلية الجاري وذلك لأول مرة منذ بدء الحرب في ليبيا.في نفس الوقت الذي أكد فيه أمس أن الحل في ليبيا لن يكون عسكريا فقط ولكن سياسيا أيضا. وفي انتظار هذا اللقاء أكدت مصادر اوروبية أمس أن احد أعضاء المجلس الانتقالي سيلتقي الأسبوع القادم بمسؤولين سامين في الاتحاد الأوروبي لبحث ذات المسألة. وحمل نائب وزير الخارجية الليبي خالد الكعيم حلف ''الناتو'' مسؤولية عدم التوصل الى حل للأزمة الليبية بسبب اعتراض بعض دوله على إجراء محادثات بين الحكومة الليبية والمتمردين المسلحين. وكشف المسؤول الليبي عن محادثات ''سرية غير رسمية'' تمت بين مسؤولين ليبيين وشخصيات معارضة في عدد من الدول الأوروبية بينها ايطاليا والنرويج طيلة الشهرين الماضيين. وقال الكعيم ''الطرف الوحيد الذي نحمله المسؤولية هو حلف الأطلسي بسبب اعتراض بعض دوله على إجراء محادثات بين الحكومة الليبية والمتمردين ولهذا السبب كان هناك تأخير في نتائج المباحثات''. وقال الكعيم إنه ''تم إحراز تقدم في بعض المجالات لكن العراقيل التي يضعها حلف الناتو بددت الآمال في تحقيق انفراج''. وهو ربما ما يفسر تصريحات وزير الخارجية البريطاني ويليام هيغ الذي أكد على أهمية دور الاتحاد الإفريقي في تسوية الأزمة الليبية بعد لقاء جمعه بالعاصمة لندن بجان بينغ رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي وقال اننا ''نرحب بكافة الجهود الرامية إلى وضع حد للنزاع وتحويل السلطة في ليبيا''. وتأتي هذه المواقف في نفس الوقت الذي استقبل فيه وزير الخارجية التركي داود احمد اوغلو بالعاصمة التركية عضو المجلس الانتقالي الليبي محمود جبريل ووزير خارجية الإمارات العربية المتحدة عبد الله بن زايد الرئيس الحالي لمجموعة الاتصال الدولية بالإضافة إلى الموفد الخاص الاممي إلى ليبيا الدبلوماسي الأردني عبد الإله الخطيب بعد زيارة قام بها إلى مدينة بنغازي المعقل الرئيسي للمعارضة الليبية. وتقاطعت هذه التحركات على أكثر من صعيد لتؤكد أن قناعة كل الأطراف بدأت تميل بالتدريج لتغليب الخيار الدبلوماسي بعد أن اقتنعوا باستحالة حسم الوضع عسكريا فقط ستة أشهر منذ اندلاع مأساة الشعب الليبي.