يقف الفنان القويزي لخضر حاملا ريشته قبالة الطبيعة، مستوحيا منها إبداعه وألوانه الحية التي تنطق سحرا وجمالا، للتراث أيضا نصيبه من الحضور والذي غالبا ما يرتبط هو الآخر بطبيعة الجزائر بكل ربوعها. يقيم الفنان القويزي لخضر، منذ الخميس الفارط، معرضه التشكيلي برواق »ديدوش مراد« بمبادرة من مؤسسة فنون وثقافة، المعرض بعنوان »الطبيعة« ويضم 25 لوحة زيتية كلها في أسلوب المدرسة الواقعية، تعكس تراث وطبيعة الجزائر ومختلف مظاهر التقاليد الجزائرية القديمة. أشار الفنان لخضر، في حديثه مع »المساء«، أنه يحرص في كل معارضه أن يوصل فنه بصدق إلى الجمهور، محاولا إثارة مواضيع الطبيعة والتراث، نظرا لأهميتها ووجوب الحفاظ على خصوصياتها وسلامتها من كل ما يتهددها من تلوث أو ضياع أو تحريف تتولد عنه غربة عن هذه المعالم التي هي جزء من تراثنا الوطني المشترك. من أجمل لوحات الفنان المعروضة؛ »القصبة« التي يصورها غارقة في سباتها أثناء اليل أوفي أوقات الظهيرة، الأمر الذي يغيّب عنها حركة المرور ويلبسها عباءة السكينة. هناك أيضا لوحات »قرية في القبائل« و»غرداية« و»الطبيعة الميتة« و»منظر داخلي« و»ضوء القمر«. توجد بين اللوحات المعروضات أيضا قرية جميلة لاتزال محافظة على خصوصياتها التقليدية، وهي موجودة -حسب الفنان- في ضواحي منطقة بابا علي، معالم أخرى بمناطق الجزائر، خاصة بالعاصمة، يرى الفنان القويزي لخضر أن الكثير من الجزائريين أصبحوا يتعاملون مع هذا الفن كديكور بيتي وليس كقيمة فنية، وبالتالي غاب الأصل والوعي والذوق، فمثلا أحدهم يقبل على اللوحات المصنفة صينيا والتي تصور شلالات وهمية اصطناعية بتقنية الفلاش ليتم بيع هذه اللوحات الإصطناعية كسلعة رخيسة، بينما اللوحات الفنية التي تصور جمال بلادنا وتقاليدها وتكتنز إبداع الفنانين، كثيرا ما لا يلتفت إليها الجمهور ولا يقتنيها ولا يناقش حتى مواضيعها. يضيف الفنان قائلا »أحاول أن أحتك بجمهوري لإقناعم بهذا الفن الذي يمثل صورا من الجزائر (القبائل، المتيحة، أعالي العاصمة، قعدات النخل بجنوبنا الكبير وغيرها) والذي يستحق الإهتمام والتشجيع والحث على اكتشاف تراثنا وبالتالي شخصيتنا«. الفنان لخضر موظف ببلدية سيدي محمد بالعاصمة، لذلك عمد إلى إنجاز بعض اللوحات بمقر البلدية وبمقرات أخرى تابعة للدولة، ومن ضمن ما أنجز لوحات تصور منطقة الأبيار سنة 1800 و»فوارة ساحة ماي سنة 1970« وغيرها، كما برز في الخط العربي خاصة في النسخي والديواني، وبالتالي فإن كل شعارات البلدية مكتوبة بخط يده. للإشارة، فإن هذا الفنان زاول دراسته بالمدرسة العليا للفنون الجميلة، والتي لم يواصل فيها مشواره البيداغوجي لأسباب خاصة، كما التحق بجمعية الفنون الجميلة بشارع غرمول، واستفاد من رئيسها الفنان مصطفى بن كحلة خاصة في فن الخط المعروف وفن الزخرفة والمنمنمات. فنانون آخرون يحثون لخضر دوما على مواصلة مشواره، لأنهم أدرى بقدراته منهم الفنان بن كحلة وحسيسن وجفال وغيرهم كثير، وهم لا يكفون عن تشجيعه دوما وإمداده بأفكار جديدة. يبقى أمل هذا الفنان المتواضع أن يصل إلى نشر فنه في كل مكان وفي أن يكون سفيرا للجزائر بالخارج، كي ينقل صورتها الجميلة للعالم فتراثها وطبيعتها الملونة بألوان الطيف قلّما يوجد لها مثيل في العالم.