الجزائر تحتفي بتظاهرة تلمسان عاصمة الثقافة الإسلامية، التي هي الفعل الثقافي المحوري لسنة ,2011 وبهذه المناسبة ارتأينا أن نتناول معلما تاريخيا كبيرا ورمزا إسلاميا عظيما وهو الجامع الكبير، وذلك من خلال دراسة دقيقة وتاريخية أعدها المرحوم فضيلة الشيخ عبد الرحمن الجيلالي وقد تم نشرها في عدد خاص من مجلة الأصالة التي كانت تصدرها وزارة التعليم الأصلي والشؤون الدينية، وقد جاء هذا العدد الخاص بمناسبة مرور ألف سنة على إنشاء مدينة الجزائر العاصمة سنة 1972 م والعيد العاشر للاستقلال الوطني. نجد على سطح المنار مزولة ساعة شمسية من الرخام الأبيض مربعة الشكل تعرف بها الأوقات الزمنية وتضبط بها الأوقات الشرعية بطريق وقع ظل الخيط المرتبط بالقائم على حافة المزولة المنحط ظله على الدرج المنقوشة على سطح المزولة. ولا نشك في أن هذه المزولة وضعت هناك مبنية ببناء الصومعة، وذلك حسبما يرشد إليه تصميم البناء وتخطيط شكل المزولة ووضعيتها في مكانها المختص بها والمهيأ لها من أول يوم، ورغم إهمال استعمال هذه المزولة اليوم، فهي لا تزال صالحة للعمل بها والاستفادة منها لوضوح رسومها وبروز نقوشها، ولا ينقصها شيء سوى نصب العمود القائم الذي يربط فيه الخيط المتصل بأرضية المزولة، وهذا عمل بسيط لا يستلزم كبير عناء، ويكفي فيه أن يصدر الإذن بالعمل بها ممن بيدهم الأمر بوزارة التعليم الأصلي والشؤون الدينية. ومن المؤسف أن يبقى أثر علمي نافع كهذا مهملا متروكا لا يؤبه به ولا يلتفت إليه، فأين المحافظة على تراث الأجداد، ولا سيما في المجال العلمي والميدان الحضاري والتاريخي والديني أولا وبالذات، وتحمل هذه المزولة كتابة منقوشة بالمخط المغربي الأندلسي تشتمل على اسم واضعها وتاريخه، ولكنها بسبب تعرضها الطويل لحوادث الطبيعة وتقلبات الجو وتداول تغير أحوال الطقس عليها من حر وقر، محيت تلك النقوش وتعذر على القارئ قراءة ما فيها، وهذا لا يمنع من إمكان استعمالها في ضبط الأوقات الشرعية ومعرفة حصة الليل والنهار وتحديد حركة الشمس في غاية ارتفاعها وشروقها وغروبها، وهي تعمل طيلة السنة على اختلاف الشهور والفصول، فلا ينبغي أن تكون مهجورة. ولقد عرف التاريخ العمل بهذه المزاول الشمسية منذ أحقاب وأحقاب فأثبت لنا وجود مثل هذه الآلة الزوالية منذ عهد الحضارة المصرية القديمة، وأقدم مزولة عثر عليها بأرض مصر يرجع تاريخها الى سنة 1500 ق م وأصل المزولة هو أثر بابلي.