دخلت الأزمة الليبية، اليوم، شهرها السابع دون أدنى مؤشرات على إمكانية حسم الوضع على الأقل في المستقبل المنظور وسط استمرار صمود نظام العقيد القذافي في وجه أقوى ترسانة عسكرية دولية من جهة، وعدم قدرة المتمردين على تحقيق هدفهم في الإطاحة بهذا النظام رغم الدعم الدولي السياسي والعسكري الذي يحظون به من جهة ثانية. فبعد مرور نصف عام من اندلاع الأزمة بين الفرقاء الليبيين، يواصل كل طرف التمسك بمواقفه المبدئية في رفض الطرف الآخر، فبينما تحاول المعارضة المسلحة -ممثلة في المجلس الوطني الانتقالي- كسب المزيد من الدعم الدولي عن طريق الاعتراف بها كممثل شرعي ووحيد للشعب الليبي لا يفوت النظام الليبي أية فرصة إلا ويؤكد عزمه على المقاومة إلى آخر لحظة. فعلى الصعيد السياسي والدبلوماسي، تبدو المعركة محسومة لصالح المعارضة المسلحة التي حتى وإن لم تنل بعد اعتراف روسيا والصين فإن انضمام موسكو إلى سياق العقوبات الاقتصادية الدولية المفروضة على النظام الليبي صب في صالحها وزاد من عزلة هذا النظام. هذا الأخير، الذي وجد نفسه محاصرا بين غارات أطلسية تزداد كثافة مع طلوع كل فجر جديد وبين عقوبات اقتصادية أنهكت سكان العاصمة طرابلس الذين يعانون من انقطاع للتيار الكهربائي ونقص في الوقود وارتفاع في الأسعار، لكن ذلك لم يمنع النظام الليبي من مواصلة صموده إلى درجة أن المتمردين المدعومين بالطيران الحربي لحلف الناتو والذي يوفر لهم غطاء جويا لم يتمكنوا من تحقيق نتائج ملموسة على أرض الميدان وبقيت الأمور تراوح مكانها بين عمليات كر وفر ومعلومات متضاربة حول تمكن هذه القوات أو تلك من فرض السيطرة على هذه المدينة أو تلك. وتضاربت المعلومات، أمس، حول حقيقة سيطرة المتمردين على مدينة الزاوية الواقعة على بعد 50 كلم غرب العاصمة طرابلس، فبينما أكد المتمردون أنهم تمكنوا من دخول المدينة وشرعوا في تمشيطها، نفت الحكومة الليبية ذلك وأكدت أن الزاوية لا تزال تحت سيطرة القوات النظامية، كما أن الحكومة الليبية حذرت، أمس، من أن لديها معلومات تفيد بأن حلف شمال الأطلسي يعتزم شن غارات على معبر رأس جدير الحدودي بين ليبيا وتونس لإتاحة الفرصة أمام المتمردين للتقدم نحو العاصمة طرابلس. ووصف إبراهيم موسى المتحدث باسم النظام الليبي نوايا حلف الناتو في شن هذه الغارات بالأمر الخطير الذي سيقود بالتأكيد إلى وقوع مجزرة كون معبر رأس جدير الحدودي معبرا آمنا ويعج بآلاف المسافرين، خاصة النساء والأطفال منهم. والحقيقة أن حلف الناتو الذي رمى بكل ثقله في أزمة كان يتوقع أن يحسمها بسهولة ولا يحتاج لذلك إلا بضعة أيام وجد نفسه يتخبط في دوامة أفقدته توازنه ولم يعد بإمكانه حماية المدنيين والحجة التي رفعها لتبرير تدخله في ليبيا بل راح يستهدفهم وهو الذي جاء من أجل تمكين المعارضة المسلحة وبقوة الحسم العسكري من الإطاحة بنظام العقيد القذافي. ودمر الطيران الحربي الأطلسي دبابة تابعة للقوات النظامية كان المقاتلون المتمردون قد استولوا عليها في مدينة الزاوية الغربية مما تسبب في مقتل أربعة مسلحين مما يؤكد عدم التنسيق بين قيادة المنظمة العسكرية وقوات المعارضة في جبهة القتال.