تتعزّز المكتبة الوطنية قريبا بمصنّف جديد يصدر عن ''دار الحكمة'' للإعلامي محمد بغداد يتناول فيه العديد من الإشكاليات المتعلّقة بالمشهد الإعلامي والثقافي الجزائري في المدة الأخيرة، يحمل عنوان ''حركة الإعلام الثقافي في الجزائر، تقدير مشهد''. الكاتب والإعلامي الذي يحمل في رصيده العديد من المنشورات، انطلق في مؤلّفه الجديد من منطق أنّ الموضوع جدير بالاهتمام والدراسة، خاصة في المرحلة الجديدة، التي ارتقت بالممارسة الإعلامية الجديدة إلى مستوى التحوّل إلى الاحترافية، وبروز العديد من الأسماء الإعلامية التي كوّنت وجهة نظر مهمة جراء التراكم المعرفي والمهني في مختلف وسائل الإعلام الجزائرية، وهي الأسماء التي جعلت الكاتب والإعلامي محمد بغداد يدعوها إلى الانطلاق في تأسيس فضاءات وتقاليد جديدة للنقاش والحوار، من أجل تجاوز العثرات السابقة والارتقاء إلى مستويات أكثر فعالية وجودة بمقاييس إعلامية ومعرفية ومهنية. وحرص محمد بغداد على تقديم وجهة نظر -قد يعتبرها البعض حادة وقاسية نوعا ما- عندما يتطرّق إلى تفاصيل أزمة الممارسة الإعلامية الثقافية، وفي بعض ملامحها يذهب الكاتب إلى التأكيد بأنّنا نجد أنفسنا في مقابل مشهد إعلامي متعدّد ومعقّد في الوقت نفسه، يستمد تقاليد ممارسته الصحفية من الواقع نفسه، وحسب إمكانيات أعضائه، وما توصلهم إليه اجتهاداتهم الفردية وأمزِجتهم الشخصية، وخلاصة معارفهم النظرية، كون التجربة القائمة في الواقع لا تخضع إلى معالم مؤسّسة من قبل، ولا يوجد نموذج يمكن الاتّكاء عليه في إنتاج العملية الإعلامية، لأنّ هذه الأخيرة لم تتمكّن من جلب الاهتمام المناسب لها، بالرغم من اقترابها من نهاية ربع قرن على انطلاق المرحلة الجديدة من مسيرتها التاريخية، التي انطلقت في بداية القرن العشرين، والملفت للانتباه أنّ هذه المسيرة الطويلة لا توجد من الجهود العلمية والأكاديمية ما يناسبها من البحث والدراسة، خاصة الجامعية منها. وعلى صعيد آخر، يقول بغداد إنّنا نعتقد أنّ مجرد الإقدام على تناول ملف من ملفات الإعلام بصفة عامة، يعتبر مجازفة لها عواقبها وتكاليفها، وبصفة أخصّ تناول الملف الثقافي في المشهد الإعلامي الجزائري، تناول يعتقد أنّه بقي لسنوات طويلة في الزوايا الخلفية من مختلف المحاولات التي تسعى إلى إحداث نقاش حقيقي، ولو كان عابرا هو التجربة الإعلامية الجزائرية. الكتاب قسّمه صاحبه إلى ثمانية مباحث تناول فيها إشكالية الكتاب، نجد من عناوينه الرئيسية الذاكرة والوعي، وميزاجية النخب، موعد خارج الزمن، الصورة والانعكاس،... وغيرها من العناوين التي يعد صاحبها القراء بالكثير من الآراء والأفكار ووجهات النظر القابلة للكثير من الجدل.