يعاني المجتمع الجزائري من أمراض عديدة تقاسم عبء علاجها كل من الطب التقليدي والحديث، وبين التصديق والتكذيب يسعى المريض للمراهنة بوقته وماله قصد ايجاد حلول علاجية وفعالة على يد أشخاص امتهنوا الطب الشعبي· تختلف المتاعب الصحية في المجتمع الجزائري بحسب تنوّع الأمراض المنتشرة فيه، والتي ترسم معاناة المريض وتجعل جزءا من حياته يمضي في أروقة المستشفيات والعيادات الطبية فبين ألم عرق النسا (nef sciatique) الذي يمتدّ من أسفل الظهر الى الناحية الخلفية للفخذ والساق، ما يعرف بالعصب الوركي الى الصداع النصفي الذي يصيب الجزء الأيمن أو الأيسر من الرأس· ومن هنا تبدأ معاناة المريض في زحام قاعات الانتظار لا سيما عندما يعجز الأطباء عن تشخيص بعض الحالات المرضية أحيانا، فضلا عن المصاريف الباهضة والزيارات المتكرّرة التي قد لا تحدث بالضرورة تطورا في حالة المريض الصحية وهو الأمر الذي يجعله يتغاضى عن كل ما توصّل اليه الطب الحديث ليلجأ الى كل ماهو تقليدي، فيصبح "المرابط" ملجأ لكل باحث عن مسكّن للأوجاع ومقصدا يوميا يقوده الى بركة الكوخ الذي تحكي فيه الحجارة تفاصيل موهبة حباه الله بها أو ورثها أبا عن جد· هكذا يبدأ سيناريو المرضى والمرابطين الذين يحظون بمكانة مقدسة في أوساط المجتمع الجزائري رغم بساطة طرقهم العلاجية التي تعتمد على أدوات قد توحي بالخرافة، "كالقادوم" وأغصان الأشجار والأعشاب التي يعتبرها المرابطون بمثابة الصيدلية التي صنعتها يد الطبيعة لعلاج عرق النسا إضافة الى اعتماد أساليب العض والكي والقرميد وقارورة زجاج وكلمات تستخدم كطريقة لعلاج الصداع النصفي وغيرها من الأمراض· ويشاع في أوساط العامة أن البعض ممن امتهنوا الطب الشعبي تمكّنوا من علاج حالات عجز الطب عن علاجها، وهو ما أكّدته لنا تصريحات بعض المرضى الذين تحسنت حالاتهم الصحية على أيدي شيوخ اتخذوا من القرآن وسيلة للعلاج كقوله تعالى "ألا بذكر الله تطمئن القلوب"· وبين التصديق والتكذيب يعتقد البعض أن الشفاء مجرد وهم رسمه العرف والكلام المتوارث عن الأجداد، فظل يؤثر حتى على أصغر فرد في العائلة، رغم معايشته للتطورات الحاصلة·ويتساءل البعض كيف يمكن لشيخ لا يعرف غير الطبيعة منافسة طبيب سعى للوصول الى أرقى ما توصّل اليه الطب الحديث· وبين هذا وذاك يبقى المجتمع الجزائري يتأرجح بين كفتين لميزان العلاج للوصول لهدف واحد وهو الشفاء مهما كان الثمن·