أكد الناطق الرسمي لوزارة الشؤون الخارجية السيد عمار بلاني أن وزير الشؤون الخارجية السيد مراد مدلسي قد التقى في القاهرة رئيس المجلس التنفيذي للمجلس الوطني الانتقالي الليبي محمود جبريل بمبادرة من هذا الأخير وذلك على هامش اشغال الدورة الاستثنائية لمجلس الجامعة العربية. وأوضح السيد بلاني أن الحديث تمحور حول ''آخر التطورات الحاصلة في ليبيا ونتائج الاجتماع الأخير لمجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الإفريقي الذي خصص لليبيا وكذا حول ضرورة الحفاظ على وحدة الشعب الليبي الشقيق والإسراع في عودة سلم مستديم من خلال مرحلة انتقالية سلمية جامعة وديمقراطية''. وأشار السيد بلاني إلى أن لقاءات اخرى قد جرت من قبل في عواصم أخرى على هامش ندوات دولية، مذكرا أيضا بأن وزارة الشؤون الخارجية كانت قد أعلنت منذ شهر مارس الأخير أن قنوات اتصال قد تم فتحها مع بعض ممثلي المجلس. وتعد هذه المرة الاولى التي يلتقي فيها مسؤول جزائري بهذا المستوى مع عضو من المجلس الوطني الانتقالي، في الوقت الذي كثر فيه الجدل حول طبيعة علاقة الجزائر مع ليبيا بعد التطورات الاخيرة التي عرفها هذا البلد الشقيق وما صاحبه من حملات التشكيك والاتهامات التي كثيرا ما وجهها المجلس للجزائر بخصوص دعم نظام القذافي، في حين نفت الجزائر ذلك في عدة مناسبات، مؤكدة التزامها بالحياد التام ازاء هذه الازمة ورفضها التدخل في شؤون البلد الجار مع مراعاتها لما يقرره الشعب الليبي على غرار ماحدث في تونس ومصر. فكثيرا ما اكدت الجزائر وجهة نظرها في مجال تعاطيها مع الاحداث والاوضاع التي تشهدها بعض الدول العربية، بالقول انها تحترم ارادة الشعوب وأن مبدأ سياستها الخارجية يرتكز على التعامل مع الحكومات المنبثقة منها. وبخصوص الوضع في ليبيا فقد اعربت الجزائر في بدايات الازمة عن املها في اعتماد انتقال سلمي للسلطة عن طريق حوار وطني لتجاوز مآسي المرحلة بحكمة وحنكة، مؤكدة ان انشغالها الاكبر في هذا البلد هو وقف اراقة الدماء''، وأنها ''ستدعم أي خطوة يقوم بها المجتمع الدولي من أجل التوصل الى حقن الدماء'' ومساعدة الشعب الليبي على اعادة بناء مؤسساته''. ويأتي ذلك انطلاقا من قناعتها بضرورة اقامة علاقات على قدر كبير من الاهمية مع دول الجوار ليس بحكم الجيرة فقط وانما للروابط الاخوية التي تجمع الجزائر بهذه الدول وأن ما يقع فيها يعني الجزائر بقدر كبير. كما ابدت الجزائر تحفظاتها إزاء التدخل العسكري في هذا البلد الذي قالت بشأنه انه مبالغ فيه بالمقارنة مع جاء في قرار مجلس الامن رقم ,1973 مؤكدة ضم مجهوداتها الى مجهودات الاتحاد الافريقي لحل الازمة. وتأتي مخاوف الجزائر من تداعيات الازمة الليبية بعد تنامي الانفلات الامني الذي من شأنه ان يفسح المجال امام حركية تنقل الاسلحة، لاسيما بعد تسجيل محاولات تسلل ''بعض الاشرار'' مثلما اكده وزير الداخلية السيد دحو ولد قابلية في وقت سابق والتي تم على اثرها القضاء على ارهابي حاول عبور الحدود. كما تقر الجزائر بأن الوضع الفوضوي في ليبيا ستكون له انعكاسات على قدرات الجزائر في الجهود المبذولة لمكافحة الارهاب بسبب انتشار الأسلحة وبكميات معتبرة. كما أن الانتشار المخيف للسلاح في ليبيا من شأنه ان يفتح شهية أطراف أخرى وتقويتها وتمكينها من ارتكاب عمليات إرهابية من الصعب محاربتها، إلا إذا تضافرت جهود جميع الدول المعنية في مواجهتها. ورغم جلاء هذه المعطيات امام الرأي العام الدولي واعتراف القوى العظمى بحصول الارهابيين على السلاح مما يشكل تهديدا خطيرا على منطقة الساحل ،الا ان الاطراف الليبية المعارضة تحاول التقليل من ذلك رغم اعترافها بوجود جماعات متشددة في ليبيا، مثلما اقره اللواء خليفة حفتر قائد القوات البرية في الجيش الليبي في المقابلة التي اجرتها معه قناة العربية أول أمس الاحد، اذ رغم نفيه وجود عناصر من القاعدة الا انه اعتبر ان وجود هذه الجماعات المتشددة ليس في صالح الليبيين. والحقيقة ان ذلك يشكل اعترافا ضمنيا بوجود عناصر من القاعدة التي استغلت الوضع في هذا البلد من اجل تكثيف اعتداءاتها وهو ما اكدته الجزائر في عدة مناسبات وأيدتها في ذلك دول المنطقة مثل مالي التي اقرت بامتلاكها معلومات خطيرة حول حصول عناصر القاعدة على السلاح من ليبيا، بالاضافة الى معلومات استخباراتية اكدتها الدول الغربية المهتمة بشؤون الساحل. وبهذا الخصوص لم يستبعد الوزير الاول السيد احمد اويحيى خلال الندوة الصحافية التي عقدها عقب اجتماع الثلاثية شهر مارس الماضي ان تكون العمليات الارهابية التي شهدتها بعض مناطق الوطن خلال تلك الفترة لها علاقة بحصول الارهابيين على السلاح المهرب من ليبيا. وأن ما يعزز هذا الطرح هو تبني القاعدة للعملية الارهابية امام الاكاديمية العسكرية بشرشال، مبررة ذلك بأنه انتقام ''من النظام الجزائري الذي يساند القذافي''. وإذا كان ذلك يعد بمثابة محاولة القاعدة كسب ود الثوار ودعم وجودها في صفوفهم، فإنه يعكس سعي عناصر هذا التنظيم لاستثمار نشاطاته الارهابية في ظل الضبابية التي مازالت تعتري الوضع في ليبيا، بالاضافة الى حالة الترقب التي تميز الموقف الجزائري من هذه الازمة والتي تم تأويلها على انها تعاطف مع نظام القذافي.