ماتزال إندونيسيا تحتفل بتظاهرة »جاكرتا عاصمة الثقافة الإسلامية« في المنطقة الآسياوية إلا أن هذا لم يشدها عن المشاركة في تظاهرة »تلمسان عاصمة الثقافة الاسلامية«، حيث قدمت برنامجا متنوعا يتمثل في معرض للفنون التشكيلية وآخر للأزياء التقليدية وثالث للآلات الموسيقية، علاوة على عرضين واحد موسيقي غنائي والثاني راقص. وفي هذا السياق، قالت السيدة واتي مويراني، رئيسة الوفد الإندونيسي ورئيسة مديرية الفنون التشكيلية بوزارة الثقافة والسياحة الإندونيسية في ندوة صحفية مصغرة نظمت -بهذه المناسبة- في قصر الثقافة بإمامة، أن إندونيسيا استجابت لدعوة الحكومة الجزائرية للمشاركة في تظاهرة ''تلمسان عاصمة الثقافة الإسلامية''، جالبة معها عدة نشاطات ثقافية وفنية تهدف إلى التعريف بالتراث وخصوصيات الثقافة الأندلسية. وأضافت مويراني أنه لأول مرة يشارك المعرض الوطني لإندونيسيا في تظاهرة ثقافية بالجزائر وهذا بخمس وعشرين لوحة بعد أن سبق وحطت فرق فنية أندونيسية رحالها بالجزائر في عدة مناسبات، كما قدمت تفاصيل عن فحوى برنامج هذه المشاركة كعرض ثلاثة أفلام وهي''تسابيح الحب ''1 و''تسابيح الحب ''2 وفيلم ثالث يتحدث عن رغبة الأم الجامحة في الذهاب إلى الحج وجهود ابنها المتفانية في تحقيق هذا الحلم. وأشارت واتي -أيضا- إلى مشاركة فرقة موسيقية لرابطة المنشدين الإندونيسيين بعنوان: ''صوت العدالة''، علاوة على مشاركة الفرقة الراقصة ''استوديو ستة وعشرين'' في هذه التظاهرة، ومن ثم تقديم معرضين، الأول حول الأزياء التقليدية الخاصة بالعرسان والثاني حول الآلات الموسيقية التي تسمى ''غالان''(آلات إيقاعية تقليدية). بالمقابل، أكد السيد توباغوس سوكمانا مدير المعرض الوطني في رده على سؤال ''المساء'' حول سبب غياب الفنانين الإندونيسيين عن هذه التظاهرة، أن ذلك يعود إلى ظروف خاصة للفنانين، خاصة وأن المعرض هذا يضم لوحات المتحف الإندونيسي في فترات زمنية متباعدة، وأعطى مثالا على ذلك بوفاة بعض المشاركين، مشيرا -في السياق نفسه- إلى تنظيم إندونيسيا لورشات الرسم بحضور الفنانين التشكيليين قريبا في الجزائر، أما عن عدم حضور مخرجي الأفلام المشاركة فأجابت السيدة واتي بأن انطلاق الأسبوع الثقافي الإندونيسي بالجزائر تزامن مع تنظيم نشاطات خاصة بالفن السابع في أكبر دولة إسلامية بالعالم وهو ما منع المخرجين من المشاركة في تلمسان. وانطلقت بعد تنظيم هذه الندوة الصحفية، فعاليات الأسبوع الثقافي الإندونيسي في ''تلمسان عاصمة الثقافة الاسلامية'' بافتتاح المعرض التشكيلي الذي يضم خمسا وعشرين لوحة من مجموعة المعرض الوطني المتعلقة بالدين الإسلامي، أعقبها افتتاح معرض الآلات الموسيقية ''غالان'' التي تستعمل في المناسبات الدينية وغيرها، أما معرض الأزياء الخاصة بالعرسان فقد مثل بعض المناطق الإندونيسية مثل غرب جاوة، أتشي، غرب سومطرة، وسط جاوة، وقد تميزت بالألوان الساطعة والمذهبة، كما أنها مصنوعة من نفس القماش سواء بالنسبة للرجل أو المرأة. إلى عالم الروحانيات والصلاة والسلام على حبيب اللّه: وأعقب افتتاح المعارض، تقديم عروض غنائية وراقصة، لكن بعد القاء كل من المنسق العام لتظاهرة تلمسان عاصمة الثقافة الإسلامية ورئيسة الوفد الإندونيسي لكلمة مختصرة بهذه المناسبة، حيث أوضح السيد عبد الحميد بلبليدية، أن إندونيسيا تحط بأطيافها الثقافية لتصنع أفراح تلمسان وأفراح الجزائر، مضيفا أن هذه الدولة رافقت الثورة التحريرية المباركة وكانت من الدول الداعمة لحركات التحرر في العالم، والتي كان لها شأن في ميلاد حركة عدم الانحياز التي نحتفي هذه السنة بالذكرى الخمسين لقيامها. وأضاف أن جاكرتا عاصمة الثقافة الإسلامية بالنسبة للمنطقة الآسيوية لهذه السنة تتعانق و''تلمسان عاصمة الثقافة الإسلامية'' للمنطقة العربية والقارة الإفريقية لنفس العام لتؤشر عمق وشساعة الثقافة الإسلامية التي أشاعت بضيائها على المعمورة وربطت الأجناس والأعراق حول دين أراده اللّه أن يكون جامعا وموحدا للبشرية. أما واتي فقد قرأت رسالة وزير الثقافة والسياحة الإندونيسي للحضور، جاء فيها تهنئة الجزائر شعبا وحكومة لاحتضان مثل هذه التظاهرة التي تهدف إلى تطوير الثقافة الإسلامية، علاوة على تقديمها لأعمال فنية تعبر عن تعلقها بالدين الإسلامي وكذا إلى تشجيع التعاون والتبادل الثقافي بين البلدين. ليفسح المجال لكل من الفرقة الغنائية ''صوت العدالة'' والفرقة الراقصة ''استوديو ستة وعشرين''، والبداية بتقديم أربعة مقاطع تحت عنوان ''صلوات''، وجاء المقطع الأول تحت عنوان: ''جاء الرسول'' وهو مزيج بين مديح الرسول الكريم ورقصات إيمائية، أما المقطع الثاني فكان مديحا محضا تحت عنوان: ''الصلاة والسلام'' والثالث على نفس الشاكلة بعنوان ''انقذوا مساجدنا''، أما المقطع الرابع فجمع من جديد بين الغناء والرقص، حيث أدى ثمانية راقصين رقصة ''سمنا '' التي تعود الى منطقة ايتشي (أقصى غرب إندونيسيا) وهي أول منطقة بالبلد تدخل في دين الإسلام. وغنى الأعضاء الخمسة لفرقة صوت العدالة بصوت عذب أخذ الحضور إلى عالم آخر محلقين في السماء بكل حرية ومقتحمين عوالم لم يكن الولوج إليها في الواقع بالأمر الهين أو حتى بالممكن، أما الرقصات فقدمتها أربع راقصات وأربعة راقصين مرتدين ألبسة حريرية في غاية الجمال والتناسق. أما الجزء الثاني من هذه العروض الفنية، فضم أنشودتين، الأولى ''رموز شانغي'' حول القرآن الكريم، والثانية ''تسابيح'' ومن ثم رقصة ''الصحون'' والتي ترمز إلى ضرورة الموازنة بين أمور الدين والدنيا، وغنى أعضاء فرقة ''صوت العدالة'' بأسلوب''الغوسبال'' المعروف عند السود، حيث يقدم المغني وصلاته الغنائية ومستعينا بحنجرته أيضا في أداء الموسيقى أي وكأنه يعزف بحنجرته، وفي هذا السياق كانت أغنية ''تسابيح''في غاية المتعة، حيث استطاع أعضاء هذه الفرقة أن يزاوجوا حبهم للدين وللخالق ورسوله العظيم بالفن الراقي والإنشاد المتألق، لتأتي بعدها رقصة الصحون، حيث رقص الراقصون وهم يحملون صحونا. أما الجزء الثالث للعرض، فقد شمل الغناء والعزف على الناي بأيدي براباندو فكان السفر إلى ما وراء الطبيعة أكثر من أكيد وكان التمازج بين الغناء والعزف على الناي سحريا، أبعد من ذلك فقد تنافس مغنٍ مع عازف الناي على تقديم النوتات الموسيقية وهذا باعتماده على حنجرته، لتكون آخر محطة لهذا العرض مزيجا بين الرقص والغناء. للإشارة، تتختم، اليوم، فعاليات الأسبوع الثقافي الإندونيسي، لتكون المحطة القادمة لدولة المكسيك، بالمقابل دخل الإسلام إلى إندونيسيا في القرن السابع الميلادي بفضل التجار الذين أتوا من المنطقة العربية إلى سواحل سومطرة ومن ثم انتشر الإسلام في ربوع إندونسيا، فمثلا قام الأولياء التسعة في جزيرة جاوة بنشر الدعوة الإسلامية والمعروفون باسم ''أولياء سونغوا".