على هامش الأسبوع الثقافي لدولة الكاميرون بتظاهرة تلمسان عاصمة الثقافة الإسلامية ,2011 التقت ''المساء'' برئيس الوفد الكاميروني ومدير قطاع الفنون والعروض في وزارة الثقافة الكاميرونية، السيّد نكان بلاز موسى جاك، الذي تحدث عن مشاركة الكاميرون في هذه التظاهرة وكذا عن التعايش السلمي بين الأديان في دولته فكان هذا الحوار. - مشاركة الكاميرون في تظاهرة تلمسان عاصمة الثقافة الإسلامية 2011 لم تتخط تقديم ناشطين ثقافيين لا غير، لماذا؟ * قبل أن أجيب عن هذا السؤال، أريد أن أوّضح أن الكاميرون شاركت في كل التظاهرات الثقافية الكبرى التي نظمتها الجزائر، ألا وهي الطبعة الأولى للمهرجان الثقافي الإفريقي سنة 1969 كما حضرت في الطبعة الثانية لهذا المهرجان ببعثة ضمت 52 فردا، في حين عرفت مشاركة بلدنا في الافتتاح الشعبي لتلمسان عاصمة الثقافة الإسلامية، بوفد ضم 35 فردا. أما عن مشاركتنا في الأسبوع الثقافي المخصص لبلدنا بتظاهرة تلمسان، فارتأينا أن نشارك بأنشطة مختلفة عن تلك التي اعتدنا تقديمها في مثل هذه المناسبات مثل العروض الراقصة، فشاركنا بمعرضين الأول عن الألبسة التقليدية والثاني عن اللوحات التشكيلية، بالمقابل بحكم أنني مدير قطاع الفنون والعروض في وزارة الثقافة الكاميرونية فوّضت لان أكون رئيس هذا الوفد الذي وإن تشكل من عدد ضئيل من الفنانين إلا أن المهم إبراز جوانب مختلفة من الفن والثقافة الكاميرونية. - ما هي مكانة الإسلام في الكاميرون؟ * للإسلام مكانة مهمة جدا في الكاميرون وقد شكل بلدنا آخر حدود الحملات الإسلامية للمنطقة فلم تستطع القوات الإسلامية وعلى رأسها القائد أداما تخطي منطقة أدامو التي تقع شمال الكاميرون، وهذا لاستحالة عبور المنحدرات الصخرية بالخيول، بالمقابل انتشر الإسلام الذي دخل الكاميرون منذ خمسة قرون في كل بقاع الكاميرون بفعل التعايش بين الأديان وتطور وسائل النقل، بالمقابل تعدت نسبة المسلمين في شمال الكاميرون، الخمسين بالمائة. - كيف تتعايش الأديان في الكاميرون؟ * التعايش بين المسلمين والمسيحيين في الكاميرون له نكهة خاصة لا نجدها في الدول الأخرى وبالأخص المجاورة لنا، فالكاميرون دولة لائكية وضعت قيّم الجمهورية فوق كل اعتبار وفوق كل الأديان التي يدين بها الشعب الكاميروني، وقد استطاعت السلطات العمومية أن تغرس في الشعب قيّم التسامح والتعايش الديني، فنجد مثلا رجلا مسلما متزوجا بامرأة مسيحية أو حتى شخصا ممارسا طقوسا محلية شعبية وفي نفس الوقت مؤمنا بالديانة المسيحية مثلا، وأقدم مثالا آخر عن نفسي، فأنا اسمي نكان بلاز موسى جاك، أي أنه لدي اسم مسيحي وآخر مسلم، وأنا مسيحي ومتزوج بمسيحية ولكن جدي مسلم وابني الأكبر كذلك حتى أنني أطلقت عليه اسم محمد العزيز تيمنا بالجد المسلم ولا أحد وجد حرجا أو ضيقا في ذلك. - ولكن كيف استطعتم تجسيد قيّم التسامح الديني فعليا على أرض الواقع؟ * لأن كل كاميروني يستطيع أن يختار ديانته بكل حرية وفي هذا السياق، هناك من ديانته الإسلام بحكم أنه اتبع ديانة والديه المسلمين مثلما أن هناك من يدخل في دين الإسلام في فترة من فترات حياته، لأنه وجد في هذه الديانة ما كان يبحث عنه، وهناك من يدخل في هذه الديانة لأنه يريد أن يتزوج بمسلم فيكون الحب فوق كل شيء. - تريد أن تقول إنه لم تحدث أي نزعات دينية بين المسلمين والمسيحيين بالكاميرون؟ * قد تحدث أمور من هذا النوع ولكنها هامشية ونادرة، بينما في نيجيريا الجارة تحدث صراعات تقريبا يوميا في هذا الشأن، وفي هذا السياق أذكر أنه في السبعينات ظهرت ديانة ''شهود يهوه'' بالكاميرون، وقامت ببث بعض الشعارات المخالفة لقيّم الجمهورية بالبلد مثل الدعوة لمقاطعة الانتخابات، فتدخلت السلطات المعنية ومنعت ممارستها لفترة من الزمن إلى حين تكيّفها مع قوانين البلد، فكما قلت سابقا دولة الكاميرون لائكية والجمهورية فوق الجميع وفوق الدين أيضا. - هل يعبرّ الفنانون الكاميرونيون عن ديانتهم بفنهم؟ * نعم يحدث ذلك، وهو ما أبرزناه في فعاليات الأسبوع الثقافي الكاميروني بتظاهرة تلمسان، حيث عرضنا أزياء تقليدية تحمل بصمات إسلامية وتؤكد تأثر الكاميرونيين بهذه الحضارة ونفس الشيء بالنسبة للوحات الفنية التي نجد في بعضها آيات قرآنية، ابعد من ذلك فمن رسمها هو فنان مسيحي وهو ما يدل على التعايش بين الأديان، أي أن هذا الفنان المسيحي احتك بالمسلمين فكانت النتيجة لوحات تضم آيات قرآنية، وأقول أيضا إنني لم أدخل المسجد في حياتي ولكنني قرأت القرآن لأنه موجود في البيت بحكم أن ابني مسلم، ففي الكاميرون كل حرّ في الدين الذي يعتنقه.