طالبت المفوضية العليا لحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة أمس بفتح تحقيق لمعرفة ملابسات مقتل العقيد الليبي معمر القذافي أول أمس بمدينة سرت مسقط رأسه. وقال روبيرت كولفيل المتحدث باسم المفوضية أمس انه ''بخصوص وفاة القذافي يوم الخميس فإن الظروف لا تزال غير واضحة ونعتبر أن تحقيقا في ذلك أصبح ضروريا''. وأضاف ''يجب فتح تحقيق وفقا لما شهدناه البارحة''، في إشارة إلى التسجيلين المصورين اللذين بثتهما كل وسائل الإعلام والذي ظهر في الأول العقيد الليبي وهو بصحة جيدة يمشي على قدميه ومحاط بمقاتلي المجلس الانتقالي. قبل أن يتم بفارقي زمني بسيط بث فيديو ثاني اظهر العقيد وهو جثة هامدة ومن حوله المقاتلين وهم يتهافتون على التقاط صوره بهواتفهم النقالة. وهو ما أثار الشكوك والتساؤلات حول ظروف مقتله. وغذى هذه الشكوك التصريحات المتضاربة لقادة المجلس الانتقالي الليبي سواء السياسيين أو العسكريين منهم والذين قدموا روايات مختلفة لحظة إعلان مقتل القذافي. فبينما أكد البعض ان هذا الأخير لقي حتفه بعد ان تعرض لرصاصة قاتلة اثر اشتباكات نشبت مع بعض مقاتليه عندما اعتقل من قبل قوات المجلس الانتقالي، تحدث آخرون عن إصابته أولا في قصف نفذه الطيران الحربي الأطلسي بينما أشار البعض الآخر إلى انه اعتقل في حفرة أو في أنبوب قالوا انه كان مختبئا بداخله. وحاول محمود جبريل رئيس المكتب التنفيذي في المجلس الانتقالي إعطاء رواية رسمية لمقتل العقيد الليبي السابق بعدما أعلن ان هذا الأخير كان بصحة جيدة عندما تم اعتقاله لكنه تعرض إلى رصاصة قاتلة على مستوى الرأس اثر اندلاع اشتباكات بين أتباعه وقوات المجلس الانتقالي أثناء وضعه في إحدى العربات العسكرية لنقله إلى مصراتة. ويبدو ان رواية جبريل لم تقنع المسؤول الاممي الذي أكد ان ''التسجيلين المصورين للقذافي يثيران القلق'' خاصة وأنهما يعطيان الانطباع ان القذافي يمكن ان يكون قد تعرض لعملية تصفية جسدية مقصودة. وهو أمر يبقى وارد خاصة وان نفس السيناريو تكرر مع نجله المعتصم الذي أظهرت تسجيلات مصورة انه حي يرزق وبصحة جيدة قبل ان يعلن عن مقتله وتبث صوره وهو جثة هامدة. ثم ان هذا السيناريو لم يقتصر فقط على العقيد القذافي ونجله المعتصم بل تكرر مع عدد آخر ممن كانوا معه على غرار وزيره للدفاع. وهو ما يدفع إلى التساؤل لمصلحة من تم اغتيال القذافي ونجله وحتى وزيره للدفاع وقد كان بالإمكان إسعافهم وإبقائهم على قيد الحياة ومحاكمتهم أم أن الخطة المبيتة منذ البداية كانت الانتهاء منه لطي صفحة ستحمل فقط اسم فترة حكم القذافي. وستبقى الإجابة معلقة إلى حين ومن يدري فقد تتمكن الأممالمتحدة من فك هذا اللغز المحير لأنه لا يعقل أن يتم قتل أسير بتلك الطريقة مهما كانت بشاعة جرائمه ومادامت الحرب في ليبيا دارت رحاها من اجل وضع حد لمثل هذه الممارسات.