تعود مسرحية ''صحراء'' للمرة الثالثة إلى الجمهور في حلة مجددة، وهذا بعد أن عرضت في سنوات الخمسينيات من إخراج محمد الطاهر فضلاء، وكذا في سنة 2006 من إخراج باديس فضلاء، لتعود هذه السنة ودائما من إخراج هذا الأخير ويقدم عرضها الشرفي يوم الفاتح من نوفمبر بقاعة الأطلس. وبهذه المناسبة، نظّم طاقم مسرحية ''صحراء'' ندوة صحفية أمس بقاعة الموقار، وفي هذا السياق قال مخرج العمل باديس فضلاء، أن هذا العمل المسرحي عاد إلى الجمهور في حلّة منقحة بعد أن تم تقديمه مرة واحدة فقط سنة 2006 بفعل مشاكل كثيرة صاحبت إنتاجه وعرضه. مضيفا أنه قام ببعض التغييرات في هذه المسرحية واحتفظ بأمور أخرى متعلقة بها، كما استعان بممثلين مخضرمين وآخرين شباب ومن بينهم: محمد عجايمي، عبد القادر بوجاجة، مسعود زواوي، حجلة خلادي، فتيحة وراد، نسرين بلحاج، عبد الحميد رابية والويزة حباني. وأضاف المتحدث أنه ولأول مرة يقوم التلفزيون الجزائري بإنتاج مسرحية، حيث رافق التلفزيون عمل مسرحية ''الصحراء'' بدل اكتفائه بتسجيلها، وهو ما اعتبره باديس بادرة يشكر عليها وتستحق التشجيع. بالمقابل، أكد باديس أن اختياره هذا العمل جاء تخليدا لذكرى أول نوفمبر المجيدة. مشيرا إلى أنه يوجد فرق شاسع بين هذا العمل في سنوات الخمسينيات ونظيره في الألفية، حيث أضفى عليه لمسة جزائرية لم تكن في العمل الأصلي الذي جاء في ثوب عربي، كما انه لم يتطرق إلى شخصية عمر المختار، بل اختار اسما آخر للبطل وهو عماد بن سعد، كرمز لكل المناضلين، علاوة على تسليطه الضوء على دور المرأة الكبير في الثورة التحريرية. في إطار آخر، اعتبر باديس أن ''صحراء'' عمل مسرحي له تاريخ، إذ انه ألّف سنة 1951 من طرف والده محمد الطاهر فضلاء وقدم مرة واحدة في الجزائر العاصمة ومن ثم منع عرضه من طرف المحتل الفرنسي، رغم أن مؤلفه حاول أن يكون ذكيا من خلال تقديمه رسالته، حيث اختار شخصية عمر المختار البطل الليبي وسلط الضوء على الأحداث التي تدور بين الليبيين والمستعمر الإيطالي. ويضيف باديس أنه رغم ذلك، حظر عرض المسرحية التي كانت تنادي بالنضال، فكان على محمد الطاهر أن يتنقل إلى ليبيا سنة 1953وقدم المسرحية بممثلين ليبيين، في كل من مسرح طرابلس ومسرح بنغازي، وبعدها تنقل إلى مصر بدعوة من الفنان القدير يوسف وهبي، ليعود إلى الجزائر ويعرضها في الكثير من المدن الجزائرية مثل العاصمة وتبسة ووهران وقسنطينةوبجاية وحتى في الصحراء ويكلفه ذلك السجن. من جهته، قال الممثل القدير عبد القادر بوجاجة، أن هذا العمل المسرحي يرسم معالم نضال شعوب العالم، كما أنه يشجع الفن الهادف. مؤكدا في السياق أن محمد الطاهر فضلاء أستاذه في المسرح وأنه عميد المسرح العربي في الجزائر، حيث أنه ناضل من أجل نشر اللغة العربية وكان المسرح إحدى أهم الوسائل لتحقيق اهدافه. أما الممثل عبد الحميد رابية فتطرق إلى مراحل من المسيرة الحياتية والفنية لمحمد الطاهر فضلاء، وفي هذا الصدد قال رابية أن محمد الطاهر فضلاء ولد سنة 1918وتوفي سنة ,2005 تعلم القرآن في مسقط رأسه بالقرب من بجاية ومن ثم تنقل إلى قسنطينة ودرس بين يدي الشيوخ مثل عبد الحميد بن باديس بعدها اشتغل في التدريس بالعاصمة وكوّن فرقة هواة المسرح العربي مهمتها تقديم الأعمال المسرحية باللغة العربية، وسجن أكثر من مرة وتعرض للتعذيب، أما بعد الاستقلال فقد شغل عدة مناصب من بينها محافظ المكتبة المركزية ومنح شهادة شرفية من طرف الرئيس الشاذلي بن جديد، وصدرت له العديد من المؤلفات، كما قام بإنشاء مكتبة ليكون بحق فارس الكلمة ورائدا للوعي العربي.