دعا أعضاء مجلس الأمة، أمس الثلاثاء، إلى ضرورة تحديد الآجال القانونية التي يستخلف فيها المنتخبون المستقيلون، في حالة تواجدهم في حالة تنافي مع عهدتهم البرلمانية، مقترحين في ذلك إلغاء مهنة الطبيب في حالات التنافي. واقترح عدد من الأعضاء والنواب خلال مناقشتهم مشروع القانون العضوي المحدد لحالات التنافي مع العهدة البرلمانية في جلسة ترأسها رئيس المجلس السيد عبد القادر بن صالح بحضور وزير العدل الطيب بلعيز ووزير العلاقات مع البرلمان محمود خذري، فكرة تحديد المدة القانونية لاستخلاف النواب المستقيلين أو المقالين بسبب تواجهدم في حالة التنافي مع عهدتهم البرلمانية، مبررين ذلك بعدم بقاء مقاعد هؤلاء النواب شاغرة. ومن جهته، دعا رئيس مجلس الأمة السيد عبد القادر بن صالح في تدخله ضمن أشغال هذه الجلسة الحكومة إلى التكفل بقضية الاستخلاف البرلماني للنواب المستقيلين، مع ضرورة تحديدها مهلة قانونية خاصة لذلك باعتبار أن هذه المسألة ضرورية وتطرح انشغالا دائما لدى النواب. وفي هذا السياق، عبر بعض أعضاء المجلس كالنائب محمد الواد ممثل عن الثلث الرئاسي وشرية حسين عن حزب جبهة التحرير الوطني عن استغرابهم لإدراج المشرع مهنة الطبيب ضمن حالات التنافي، باعتبار ذلك أمرا سيؤدي إلى حرمان المواطنين من خدمات هذا الأخير. إلى جانب تساؤل هؤلاء النواب عن كيفية استقالة كل من يمارس مهن معينة يعتبرها القانون حالة تنافي مع العهدة البرلمانية على غرار الأطباء والمحامين ...وغيرهم، مصرين على ضرورة تحديد كيفية هذه الاستقالة إما قبل الترشح أو بعد صدور نتائج الانتخابات والفوز بمنصب البرلماني. كما اقترحوا كذلك، ضرورة أن يحدد المشروع المستوى التعليمي للمترشحين مع اشتراط شهادات علمية ومستوى تعليمي يسمح للبرلماني بالتمكن من قراءة القوانين والنصوص وفهمها ومناقشتها وإدراك السياق الذي صيغت من أجله. واعتبر النائبان عن الثلث الرئاسي عبد الكريم قريشي وعبد القادر شنيني أهمية أن يركز هذا المشروع على قيم الالتزام والأخلاق والضمير، باعتبار أن منع البرلماني من ممارسة مهنة حرة قد تجعله يلجأ لتغيير سجله التجاري إلى اسم أحد من أفراد عائلته دون أن يدعه نهائيا. ومن جهتهم، تساءل نواب آخرون كعبد الله بن تومي من التجمع الوطني الديمقراطي وبوزيد لزهاري وزهية بن عروس من الثلث الرئاسي إن كان بإمكان البرلمانيين الشروع في مهامهم البرلمانية في انتظار بت مكتب المجلس والمجلس الدستوري في حالة تواجهدهم في حالة التنافي أم لا أم أن على النواب انتظار القرار النهائي. وأثيرت بالمناسبة عدة نقاط للنقاش والتحليل كوجوب فصل تأثير أصحاب المال والأعمال والمصالح عن العمل البرلماني، وكذا مسألة الغياب المسجل ضمن جلسات البرلمان بغرفتيه والذي اعتبره جل النواب مبعثا للاستياء والتذمر ولا يعكس الصورة المثالية لدور ومهمة البرلماني. كما حظي المشروع بمناقشة مستفيضة من قبل أعضاء مجلس الأمة بعد تقديم وزير العدل حافظ الأختام السيد الطيب بلعيز عرضا مفصلا حوله. ويقصد بحالات التنافي بمفهوم هذا المشروع، كما أوضح وزير العدل، الجمع بين العضوية في البرلمان وعهد انتخابية أخرى أو بينها وبين المهام أو الوظائف أوالأنشطة المحددة فيه علما بأن المادة 103 من الدستور تنص على أن يحدد قانون عضوي حالات التنافي مع العهدة البرلمانية والحالات الاستثنائية لذلك. وتتمثل حالات التنافي خاصة في ممارسة نشاط تجاري ومهنة القضاء والمحاماة ومنصب منتخب في مجلس آخر ويستثني النص بعض النشاطات. وينص المشروع على انه لا تتنافى العهدة البرلمانية مع ممارسة نشاطات مؤقتة لأغراض علمية أو ثقافية أو إنسانية أو شرفية لا تؤثر على الممارسة العادية للعهدة البرلمانية بعد موافقة مكتب الغرفة المعنية. كما يسمح النص للبرلماني بممارسة مهمة مؤقتة لصالح الدولة لا تتجاوز سنة ومهام أستاذ أو أستاذ محاضر أو أستاذ في الطب لدى مؤسسات الصحة العمومية وكذا مهام تمثيل البرلمان لدى الهيئات التشريعية الدولية أو الجهوية. ويلزم المشروع البرلماني بإخطار مكتب المجلس بكل المهام الأخرى التي يقوم بها في ظرف 30 يوما وإلا يعتبر مستقيلا. كما على المكتب إبلاغ المنتخب بحالة التنافي إن وجدت ويعطيه مهلة 30 يوما للتوقف عن الأنشطة أو الاستقالة من البرلمان. وأشار السيد بلعيز في عرضه للمشروع إلى أن الهدف من سن القانون هو إطلاع البرلمان على المهام والوظائف التي يمارسها أعضاؤه وحمايته من الآثار السلبية التي قد تنجر عن تعارض مصلحة عضو البرلمان مع مهامه. ويتضمن هذا المشروع 16 مادة تتعلق في مجملها بتحديد حالات التنافي وإجراءات إثباته والآثار المترتبة عنه وكذا أحكام مختلفة تتعلق بإبلاغ المجلس الدستوري في حالة عدم توصل الغرفة المعنية إلى تقرير وجود حالة التنافي بالإضافة إلى مسألة استخلاف عضو البرلمان في حالة شغور مقعده بسبب حالة التنافي وتطبيق العقوبات المنصوص عليها فيه. وتندرج مراجعة مشروع هذا القانون في إطار الإصلاحات السياسية التي بادر بها رئيس الجمهورية بهدف استكمال النصوص القانونية المتعلقة بالسلطة التشريعية المنصوص عليها في الدستور والتشريع الجزائري الساري المفعول. وكان القانون العضوي الذي يحدد حالات التنافي مع العهدة البرلمانية من بين المواضيع التي حظيت بإثراء واقتراحات ضيوف هيئة المشاورات حول الإصلاحات السياسية خلال شهري ماي وجوان المنصرمين والتي ترأسها رئيس مجلس الأمة السيد عبد القادر بن صالح. وللتذكير صادق نواب المجلس الشعبي الوطني على هذا المشروع يوم 3 نوفمبر.