أكد وزير العدل حافظ الاختام الطيب بلعيز اول امس الخميس ان حالات التنافي التي تضمنها مشروع القانون العضوي الذي يحدد حالات التنافي مع العهدة البرلمانية الغرض منها حماية البرلماني وجعله مستقلا عن اي تبعية. وردا على انشغالات واقتراحات نواب المجلس الشعبي الوطني عقب مناقشتهم لمشروع القانون العضوي المحدد لحالات التنافي خلال جلسة علنية، قال الوزير إن النص يهدف إلى حماية البرلماني وجعله مستقلا لا يخضع لاي شيء أو لأي شخص قد يؤثر على أعماله التشريعية. وأضاف انه من أجل مصلحة الجزائر كان من الضروري وضع حالات تنافي مع مهمة البرلماني الذي يعبر عن انشغالات الشعب ووضع "شروط وقيود قاسية لاكبر مؤسسة للدولة التي هي البرلمان". وبعد أن سجل بان المشروع بعد المصادقة عليه سوف يشرع في تطبيقه ابتداء من العهدة البرلمانية المقبلة اضاف بانه (اي المشروع) "انتظر 16 سنة"، اذ ان دستور 1996 نص في مادته 103 ضمن ما نص على ان تحدد حالات التنافي بموجب قانون عضوي. ومن جهة أخرى، تطرق الوزير إلى المادة 5 التي كانت محل تدخل عدد كبير من النواب والتي تحدد حالات استثنائية لا تتنافى فيها بعض النشاطات والمهام مع العهدة البرلمانية. وينص المشروع على انه لا تتنافى العهدة البرلمانية مع ممارسة نشاطات مؤقتة لاغراض علمية او ثقافية او انسانية اوشرفية لا تؤثر على الممارسة العادية للعهدة البرلمانية بعد موافقة مكتب الغرفة المعنية. كما يسمح النص للبرلماني ممارسة مهمة مؤقتة لصالح الدولة لا تتجاوز سنة ومهام استاذ اواستاذ محاضر أواستاذ في الطب لدى مؤسسات الصحة العمومية وكذا مهام تمثيل البرلمان لدى الهيئات التشريعية الدولية اوالجهوية. وقال بلعيز في هذا الصدد بان حالات الاستثناء املتها ضروريات واقعية موضحا بان غالبا ما تكون لكل قاعدة قانونية استثناء يكون "منفذا" لوضع معين أو حالة ما. وأشار إلى ان السماح للبرلماني بممارسة مهام استاذ اواستاذ محاضر راجع إلى المعلومات التي قدمها وزير التعليم العالي الذي اشار إلى نقص عدد المؤطرين الجامعيين في هذا المجال. كما ان اصحاب الخبرة في مجال الطب أكدوا حسب الوزير بان ابتعاد الطبيب الجراح عن ممارسة مهنته لمدة 5 سنوات (مدة العهدة البرلمانية ) تفقده الخبرة. كما ان حاجة المجتمع في كثير من الاحيان إلى اساتذة في الطب جعل المشرع يسمح للبرلماني ان يدرس الطب في مؤسسات الصحة العمومية. وأكد بلعيز ايضا بان "كل" الاستثناءات التي وضعها المشرع بما فيها النشاط المؤقت ضمن جمعية "ليس لها تأثير على مهام البرلماني ولا يمكن لهذا الاخير استغلالها بشكل من الاشكال في مهامه كما انها لا تعرقل عمله كممثل للشعب". ومن جهة أخرى رد بلعيز على تدخل النائب حسين خلدون من حزب جبهة التحرير الوطني الذي طالب بفتح باب الطعن للنائب امام المجلس الدستوري اذا أكد هذا الاخير وجوده في حالة تنافي مع عهدته البرلمانية بان الدستور حصر الطعن امام المجلس الدستوري في رئيس الجمهورية ورئيسي المجلس الشعبي الوطني ومجلس الامة. وأوضح بان النائب الذي يفوز بالمنصب في البرلمان يقدم تصريح لدى مكتب الغرفة المعنية يتضمن تحديد الوظائف والمهام والانشطة التي يمارسها ولوبدون مقابل وذلك خلال 30 يوما وبعد دراستها للتقرير تحيله (الغرفة) في حالة اثبات حالة تنافي إلى مكتب المجلس. وأضاف بان المشروع يخول لمكتب المجلس في حالة ثبوت التنافي ابلاغ البرلماني المعني ويمنحه مهلة 15 يوما للاختيار بين عهدته البرلمانية والاستقالة واذا اعترض البرلماني على هذا القرار بامكانه ان يلجأ إلى المجلس الدستوري الذي يبلغه في حال ثبوت قرار الغرفة ويمنحه الخيار بين مهامه خارج البرلمان ومهامه البرلمانية. ومن جانب آخر رد على بعض النواب الذين سجلوا "اغفال المشروع للموثقين والمحضرين من حالات التنافي" بان المهنتين معنيتين بالاستثناء لان الاستثناء يمس المهن الحرة اضافة إلى ان الموثق ضابط عمومي يحمل ختم الدولة فيكون بذلك معني مرتين. أما عن بعض النواب الذين سألوا عما اذا كانت الانشطة البسيطة المتعلقة بالفلاحة والتجارة معنية بالاستثناء أجاب بلعيز بانه اضافة إلى ضرورة ان يتفرغ البرلماني كلية لمهامه البرلمانية فانه يتمتع بالحصانة امام العدالة. وأشار بان الفلاح والتاجر يتعاملان يوميا في امور قانونية من عقود وغيرها كما انهما قد يدخلان في نزاعات يومية مع الزبائن. اما اذا كان برلمانيا فانه لا يجوز لاحد رفع دعوى ضده لتمتعه بالحصانة. وللتذكير، فقد شرع نواب المجلس الشعبي الوطني صباح اليوم في مناقشة مشروع القانون وقد تدخل خلال النقاش 58 نائبا ثمنوا كلهم محتوى المشروع واهميته في القضاء على ممارسات سلبية على رأسها تدخل المال ورجال الاعمال في السياسة. وان كان غالبية النواب قد اعتبروا أحكام المشروع كافية فان بعضهم على غرار نواب حزب العمال اعتبروها "غير كافية" للتصدي لتأثير المال على العمل السياسي في حين رأى نواب من تشكيلات أخرى انها "بالغت في التضييق". النواب يحمعون على أهمية فصل المال عن السياسة
من جهتهم، ثمن نواب المجلس الشعبي الوطني المتدخلون في جلسة المناقشة مشروع القانون لكونه يكرس "أخلقة" الممارسة السياسية وينهي عهد "هيمنة المال على السياسة". وفي هذا الصدد، اعتبر النائب عبد العزيز قرشوش من حزب جبهة التحرير الوطني، أن نص القانون يعد "قمة" في إقرار ابتعاد النائب عن المؤثرات و"قمة" في الحرص على تفرغ النائب لعهدته وسد باب التأويلات التي تطعن في مصداقيته. ونوه ذات النائب بالاستثناءات "الإيجابية" التي حملها مشروع القانون في طياته والمتعلقة بحالات عدم التنافي مع العهدة البرلمانية مشيرا إلى أن خص الأستاذ الجامعي بعدم التنافي يدل على أن المشرع "يراعي البحث العلمي" وهو "قصد شريف ونبيل يستحق التزكية". وبالمقابل، أبدى نواب آخرون "عدم تفهمهم" لمضمون المادة الخامسة من مشروع القانون التي تضع "استثناءات" لبعض المهام والوضائف واعتبروها "فتحا لمجال الاستثناءات والغموض". أما النائبة نادية شويتم من حزب العمال فقد ثمنت مشروع القانون واعتبرت أن "اختلاط المال والأعمال بالسياسة خطر أدى إلى عزوف المواطنين عن المواعيد الانتخابية". وقالت في هذا الصدد إن صاحب المال والأعمال "لا يمكنه ان يفرق بين مصالحه ومصالح الذين انتخبوه". من جهته، اعتبر النائب الحر بلقاسم مزيان أن مشروع القانون يعد "تطبيقا حرفيا" لما ورد في المادة 103 من الدستور" مبرزا أنه "سيؤدي إلى تحسين أداء البرلمان من خلال تفرغ النواب لاداء مهامهم على اكمل وجه" إلى جانب اسهامه في "استعادة هذه المؤسسة لمصداقيتها".