أكد وزير الداخلية الفرنسي السيد كلود غيون أمس أن الجزائروفرنسا تربطهما شراكة استثنائية، وأوضح أن هذه الأخيرة شهدت حركية جديدة منذ سنة ,2010 مذكرا بالزيارات المكثفة التي قام بها وزراء الحكومة الفرنسية إلى الجزائر خلال الأشهر القليلة الماضية، فيما جدد السيد ولد قابلية عزم البلدين على إعطاء الدفع الضروري لبعث علاقاتهما في مختلف الميادين. وأشار الوزير الفرنسي لدى وصوله إلى مطار هواري بومدين في إطار زيارته الرسمية للجزائر إلى أن هذه الزيارة ستسمح له بالتطرق مع وزير الداخلية والجماعات المحلية السيد دحو ولد قابلية إلى كل المواضيع التي تهم وزارتي الداخلية لكلا البلدين، علاوة على تناول المحادثات أيضا للوضع السائد في منطقة الساحل، معبرا في هذا الصدد عن انشغال بلاده بهذا الوضع ''ولاسيما المشكل المتعلق بالرهائن المحتجزين والمعتقلين في هذه المنطقة''، ودعا بالمناسبة إلى ضرورة توخي الحذر فيما يخص الأمن في هذه المنطقة ''لأن الأمر يتعلق بالمصلحة الجماعية'' على حد تعبيره. كما أشاد المسؤول الفرنسي خلال الندوة الصحفية التي نشطها مع السيد ولد قابلية عقب المحادثات التي جمعت الطرفين بالإصلاحات الجارية في الجزائر، واصفا إياها بالمشجعة والداعمة للديمقراطية في الجزائر. وأشار المتحدث إلى أن المبادرات المتعددة المتعلقة بالإصلاحات في الجزائر بإشراف من الرئيس بوتفليقة، تسير في نفس اتجاه الانشغالات المعبر عنها من قبل المواطنين الجزائريين، معربا عن انبهاره بالشرح الذي تلقاه من نظيره السيد ولد قابلية بخصوص كل النصوص سواء التي تمت المصادقة عليها أو تلك التي لازالت محل نقاش في البرلمان. أما بخصوص معاهدة الصداقة التي كان المفترض توقيعها بين البلدين سنة ,2006 فقد اشار وزير الداخلية الفرنسي إلى أن ''الصداقة لا توجد فقط في المعاهدات وإنما في العمل'' معربا عن أمله في أن يتمكن الطرفان بالعمل من تأكيد هذه الصداقة الحيوية بين الشعبين. وذكر السيد غيون ان الرئيسين عبد العزيز بوتفليقة ونيكولا ساركوزي كانا قد قررا بأن تكون الشراكة بين البلدين شراكة استثنائية، مؤكدا في هذا الصدد إمكانية تحديد عدد معين من الأهداف الإضافية للتعاون، والذي يمكن حسبه تحسينه بشكل أكبر، لا سيما من خلال تفاهم اكبر بين الحكومتين. من جهته جدد السيد ولد قابلية بالمناسبة عزم الجزائروفرنسا على إعطاء الدفع الضروري لبعث علاقاتهما الثنائية في كل الميادين وفق الرغبة المعبر عنها من قبل رئيسي البلدين، مشيرا في نفس السياق إلى أن العلاقات بين وزارتي الداخلية للبلدين تعرف مشاكل جد معقدة، تخص ملفات الأمن وتنقل واقامة الأشخاص. وبعد أن أشار إلى أنه تطرق مع نظيره الفرنسي إلى كل القضايا الأساسية، أوضح السيد ولد قابلية انه نظرا لوقت الاجتماع الضيق، المرتبط بمدة زيارة السيد غيون التي دامت يوما واحد فقط فقد تقرر تكليف مساعديهما لمواصلة العمل، كما اتفق الطرفان على ان يواصل مساعديهما المحادثات بصفة أعمق في الجزائر وفي فرنسا في الأسابيع القادمة. وكان وزير الداخلية الفرنسي قد أشاد في تصريح صحفي أول أمس بالدور الريادي للجزائر في مجال التنسيق بين دول الساحل لمواجهة التهديدات الإرهابية التي تفاقمت في الفترة الأخيرة تزامنا مع الأزمة التي عرفتها ليبيا، مشيرا إلى أن بلاده تعد من بين الدول التي تعاني بشكل مباشر من تردي الوضع الأمني في منطقة الساحل، ''وتدفع فاتورة اللااستقرار الأمني في هذه المنطقة''، في إشارة إلى تنامي ظاهرة الاختطاف التي تستهدف الرعايا الأجانب بشكل عام والفرنسيين بشكل خاص. وفي هذا الإطار فقد اعتبرت وكالة الأنباء الفرنسية استنادا إلى مصادر دبلوماسية فرنسية إلى انه بالرغم من أن المحادثات المقررة بين وزيري داخليتي البلدين تتناول العديد من مجالات التعاون الثنائي، على غرار التعاون المشترك بين مصالح الحماية المدنية وتنظيم المسائل المتعلقة بالهجرة وتنقل الأشخاص ومكافحة الهجرة غير الشرعية، إلا أن قضية الرهائن الفرنسيين المحتجزين من قبل تنظيم ''القاعدة في المغرب الإسلامي'' تبقى تشكل المسألة الطاغية على النقاشات التي جمعت الطرفين. وللتذكير فإن 6 رهائن فرنسيين لا زالوا محتجزين بمنطقة الساحل من قبل مجموعات إرهابية، منهم 4 من عمال مؤسستي ''أريفا'' و''فنسي'' تم اختطافهم في سبتمبر 2010 بشمال النيجر، بينما اختطف فرنسيان آخران في نوفمبر الماضي في مالي. وقد أعرب وزير الداخلية الفرنسي في تصريح سابق عن قناعة بلاده بأهمية دور الجزائر في مجال التنسيق بين دول منطقة الساحل الصحراوي لمكافحة الإرهاب والجريمة غير المنظمة في المنطقة. وتجدر الإشارة إلى أن السيد كلود غيون سبق له وان زار الجزائر مرتين بصفته أمينا عاما لرئاسة الجمهورية الفرنسية قبل تعيينه وزيرا للداخلية، وتندرج زيارته إلى الجزائر على حد تعبيره في إطار الانتعاش الذي تعرفه العلاقات بين البلدين منذ السنة الماضية بعد مرحلة صعبة ميزتها سنتان من فتور هذه العلاقات.