يطغى موضوع المخدرات والإرهاب والعلاقة بينهما على المؤتمر الوزاري لمجموعة ال8 الذي افتتح بباريس، أمس، بمشاركة وزير الداخلية الجزائري، دحو ولد قابلية، لمناقشة خطر المتاجرة بالمخدرات. تعكس هذه القضية هواجس أمنية فرنسية تتعاظم من يوم لآخر، بسبب التقارير الأمنية التي تحذر من خطر إرهابي وشيك ضد فرنسا، مصدره جماعات الإرهاب المنتشرة في الساحل. تأخذ فرنسا على محمل الجد تهديدات القاعدة بالثأر لمقتل قائدها، الصادرة بعد يومين من عملية أبوت أباد بباكستان. وعلى هذا الأساس، يصعد الفرنسيون من التنسيق الأمني مع الولاياتالمتحدةالأمريكية. وقالت صحيفة ''لوفيغارو'' الفرنسية، أمس، نقلا عن مسؤول بالاستعلامات، إن فرنسا وأمريكا تبادلتا معلومات تكتيكية وعملياتية غداة مقتل زعيم القاعدة أسامة بن لادن مطلع الشهر. يأتي ذلك عاكسا لاهتمام فرنسي مركز على خلايا الإسلاميين بفرنسا، التي تعتبر قنابل موقوتة يمكن أن تنفجر فوق التراب الفرنسي، في سياق تهديدات ''القاعدة'' بالثأر لمقتل زعيمها. وذكرت الصحيفة بأن الاستخبارات الفرنسية المتخصصة في الجوسسة ضاعفت من اتصالاتها مع الاستخبارات المركزية الأمريكية، مشيرة إلى أنها عززت بشكل لافت آليات المراقبة خارج فرنسا، منذ أن توعدت شبكة الجهاد العالمي بالثأر لمقتل بن لادن. ويدرك الفرنسيون أكثر من غيرهم بأن الانتقام (إذا حدث) سوف لن يأتي من جهة أخرى غير أتباع بن لادن بالمغرب العربي والساحل الإفريقي. ففرنسا تعتبر أصلا هدفا استراتيجيا بالنسبة للفرع الصحراوي والمغاربي للقاعدة، بدليل أن الفرنسيين حاضرون دائما في بيانات التنظيم منذ أن كان يسمى الجماعة السلفية للدعوة والقتال. ونيكولا ساركوزي، دونا عن بقية رؤساء فرنسا، حاضر بقوة في وثائق السلفيين الجهاديين المغاربيين بلغة التهديد.. ولما استفحلت ظاهرة خطف الرعايا الغربيين بالساحل، كان الفرنسيون أكثر الضحايا خطفا وتصفية جسدية. ويوجد حاليا، كما هو معروف، أربعة رهائن فرنسيين بين أيدي عناصر التنظيم، محتجزون في مكان ما بمالي. وفي إطار هذه المخاوف بالتحديد، تأتي زيارة وزير العدل الأمريكي، إيريك هولدر، إلى فرنسا حاليا. إذ ينتظر، مثلما أعلن عن ذلك فرنسيا، أن يبحث مع وزير الداخلية كلود غيان خطر القاعدة على فرنسا فوق ترابها وعلى مصالحها خارج حدودها. وزار هولدر الجزائر في أفريل 2010 وبحث مع المسؤولين المحليين قضايا أمنية متصلة بالإرهاب والمخدرات والصلة الوثيقة بينهما. ويرى الفرنسيون بأن عملية مراكش التي سقط فيها سياح فرنسيون (28 أفريل 2011) مؤشر قوي على ضربة أخرى أكثر قوة. ولا يستبعدون قتل رعاياهم الأربعة المحتجزين منذ سبتمبر الماضي. وتنسب ''لوفيغارو'' إلى ''قاض بباريس'' بأن إيريك هولدر يبحث، خلال زيارته إلى باريس، التهديدات الجديدة التي تستهدف فرنسا التي تعي جيدا بأن تعاونها الاستخباراتي مع الدول التي تواجه القاعدة بالمنطقة، خاصة الجزائر، قضية استراتيجية في مسعى إحباط أعمال إرهابية قبل وقوعها. ولكن هذا التعاون هو في الأصل مصدر الخطر الحقيقي الذي يهدد أمنها. فالقاعدة ترتكز دائما على ''دعم الأنظمة العميلة'' بالساحل والمغرب العربي، لتبرير استهداف الفرنسيين.