استضاف المجلس الأعلى للغة العربية ضمن منبره ''فرسان البيان''، الشاعرين مبروك بالنوي وهنية لالة رزيقة من تمنراست، حيث قدما أجمل ما جادت به قريحتاهما الشعرية، وهذا أول أمس بفندق ''الأروية الذهبية''. وفي هذا السياق، قالت الشاعرة هنية لالة رزيقة التي نشرت لها العديد من القصائد الجميلة من بينها: ''ضياع القوافي'' و''تراتيل زمن الموت'' و''غزل بلون السماء في لحظة الصفر''، قالت أنها تؤمن بأن للأمكنة أرواح. مضيفة أن كل شخص يمكن له أن يلاحظ أن بعض الأمكنة أليفة وموحية وأخرى عكس ذلك تماما. وبهذه المناسبة قدمت الشاعرة بعض قصائدها مثل قصيدة ''محنة البيد في تراتيل العبيد'' والتي جاء في بعض مقاطعها: "البيد" تلذذ الدهر في كرنافة السهد يحمي حكايتنا يا نخلة الامد يرقص الليل بأوهام ملحمة تفضي تلاحينها في غربة الشهد فلملمتني حروف بت أحجبها عن بحر هم طال قد عبني الكبد تؤجج الرمل عشقا فوق اخمدتي تزيد ابها صبرا على الأبد''. وجاء فيها أيضا: ''مازلت انبض في الصحراء ذاكرة لعلها تخضع في كرنافة السهد أجل سأمضي على حافة الأزمنة حتى يظل اضطراب البحر في مدد أقدم العمر قربانا بلا زمن فيمتطي ازل المعراج للأبد''... بالمقابل ألقى الشاعر المخضرم مبروك بالنوي مجموعة من قصائده وقصيدة للشاعر العراقي عبد الواحد عبد الرزاق، وللشاعر مبروك أكثر من 400 قصيدة، كما له نصوص مسرحية وقصصية كثيرة، بالإضافة إلى اهتمامه بالتلحين، نذكر النص المسرحي ''القضية ما انتهت'' والمجموعة القصصية ''أزقة الحلم البياتي ملحمة خدة تيدكلت". وألقى مبروك قصيدة الشاعر العراقي عبد الواحد عبد الرزاق بعنوان ''يا صبر أيوب''، جاء في بعض مقاطعها: ''يا صبر أيوب'' قالوا وظلَّ.. ولم تشعر به الإبلُ يمشي، وحاديهِ يحدو.. وهو يحتملُ.. ومخرزُ الموتِ في جنبيه ينشتلُ حتى أناخ ببابِ الدار إذ وصلوا وعندما أبصروا فيضَ الدما جَفلوا''... وجاء فيها أيضا: أقول: ها شيبُ رأسي.. هل تكرمُني فأنتهي وهو في شطيك منسدلُ؟! ويغتدي كلّ شعري فيك أجنحة مرفرفاتٍ على الأنهار تغتسلُ! وتغتدي أحرفي فوق النخيل لها صوتُ الحمائم إن دمع ، وإن غَزَلُ وحين أغفو... وهذي الأرض تغمرُني بطينها... وعظامي كلُها بلل... كما قدم مبروك مقاطع لقصيدته ''بوح على امزاد داسين''؛ وداسين هي شاعرة ترقية مشهورة ولدت سنة 1873 وتوفيت سنة ,1917 جاء فيها: ''بوح على امزاد داسين'' ''يا حادِيَ العِيْسِ ما للبِيدِ يَنْعصِرُ ونبضُ داسينَ في الأسحارِ يَنْفَطِرُ مِنْكَ الحِداءُ بِنَزَّ الشَّدْوِ مُخْتَمِرٌ فَجُرْحُهُ كَيفَ لا يَعْرَى ويَأتَزِرُ هُزِّ الحِدَاءَ فَها أَزْجَيْتُ راحِلَتِي تَسْتَرْهِفُ السَّمْعَ لَمَّا الصَوتُ يَنْحَسِرُ هَا مُوغلٌ في مَدَى الأبعاد مُنحدرٌ صُوب الطوارقِ جرحاً ضَاءَ يَسْتَعِرُ وَمُمْعِنٌ في صحارى الوجد يَفْضَحُنِي هذا الحنينُ فكيف النارُ تُخْتَصَرُ هَا مُوغِلٌ وارْتِعَاشُ الرملِ في كبدي في مُقلَتِي في دمي في القلبِ يُنْتَثَرُ تَصوغُهُ الريح حلماً في دمي شَجَراً تَسْتَفُّهُ هذه الأصدَاءُ والصُّوَرُ وَلَّى كوجْهٍ تَعَرَّى في مَلَامِحِهِ ظِلٌّ لِمَازِيْغَ يُصْلِي جُرْحَهُ الغَجَرُ''... أما قصيدة الكسوف والتي اشتهر بها الشاعر مبروك فجاء في بعض مقاطعها: الكسوف: '' كيف استمَالكِ جرحٌ نَزَّ مِنْ شَغَبٍ مَلَّ ابْنَ نَخْلَتِهِ في نَازِفٍ صَخِبِ فالجُرحُ عَرَّى عَرَاجِيْناً مُعَصْفَرَةً هُزِّي إِلَيْكِ بِجِدْعِ النَّخْلَةِ انْتَصِبِي لَيْلاَنِ لِلْنَّزْفِ مَدَّا في رُؤَى سَعَفِي كَفَّ التَّوَجُّعِ حتّى أَحْشَفَتْ رُطَبي قدْ جِئْتُ والبَّوحُ في عِيْنِيَّ مُتَّقِدٌ فَيُذْهِلُ الرَمْلَ مَسْلُوبُ الخُّطَى خَبَبِي وَهَذِهِ سَعَفَاتِي بِتُّ أَجْمَعُهَا حتّى أَشُدَّ بِهَا يَا نَخْلَتِي نَسَبِي''.