أجمع المشاركون في الملتقى الوطني حول ''دور التربية في الحد من العنف'' الذي افتتحت أشغاله أمس بجامعة الجزائر''''2 ببوزريعة، على الانتشار غير المسبوق لظاهرة العنف بكافة أشكاله في الجزائر، وامتداده إلى مختلف فئات المجتمع، وهو ما دفع مخبر الوقاية و''الارغنوميا'' إلى إعداد دراسة حول الموضوع، ومن بين أهم نتائجها ''ضرورة نشر ثقافة جديدة في المجتمع تقوم على المحبة بين الناس، وتكون أرضية حوار مثمر بين جميع الأطراف قصد الحد من السلوكات العنيفة''. وجاء تنظيم هذا الملتقى (يدوم يومين) استكمالا للدراسة السابقة الذكر، حيث تم إشراك 35 باحثا من 14 جامعة في ولايات عدة، من أجل تقديم أبحاثهم التي تدور حول زوايا متعددة كلها تصب في الموضوع الشامل وهو علاقة التربية بالعنف في مجتمعنا. واختار المنظمون لطرح الإشكالية خمسة محاور هي ''دور مؤسسات التنشئة الاجتماعية والمجتمع المدني في الحد من ظاهرة العنف''، ''الإرث الثقافي المنقول أو المكتوب وعلاقته بظهور أو الحد من ظاهرة العنف''، ''القيم المستوردة وعلاقتها بظهور أو الحد من ظاهرة العنف''، فضلا عن ''التغيرات الجزئية التي مست النظام التربوي وعلاقته بالظاهرة''، وأخيرا''طرق معالجة العنف''. وبالنسبة لمسؤولي مخبر الوقاية والارغنوميا فإن الهدف من تنظيم الملتقى يتمثل أساسا في دراسة الظاهرة، سعيا إلى تفعيل دور المؤسسات التربوية والثقافية والإدارية والاقتصادية للمساهمة في الحد من العنف، إلى جانب تحديد الطرق والسبل التربوية المؤثرة في الظاهرة واقتراح برامج وأنماط تربوية تساعد على نشر ثقافة التسامح. وبرمجت لهذا الغرض 37 محاضرة تتناول مختلف أوجه العنف من حيث أسبابه ومظاهره وسبل الوقاية منه، للخروج في الختام بتوصيات يرجى أن تساهم من الجانب البحثي في فهم الظاهرة وحصرها والحد منها. وتميزت جلسة صباح أمس بالتطرق إلى دور المحتوى التربوي في التصدي لظاهرة العنف، عبر دراسة تحليلية لبعض الكتب المدرسية الجزائرية، لاسيما كتب التربية الإسلامية،ومظاهر العنف في المجتمع الجزائري من خلال دراسة ميدانية في الوسط الجامعي، إضافة إلى مظاهر العنف في البيئة الثقافية الجزائرية عبر دراسة تحليلية لمؤلفات كتاب جزائريين. كما تم تقديم محاضرة حول دراسة أنجزت عن رؤية شباب من جامعة وهران حول الاستراتيجية الفعالة الممكن انتهاجها للحد من الظاهرة، والتي أظهرت أن السبب الأول لانتشار العنف هو الجهل وقلة الثقافة والوعي، وكان أهم اقتراح قدمه الطلبة لمواجهة الظاهرة هو التوعية عن طريق وسائل الإعلام وتنظيم الملتقيات والندوات للحديث عن الموضوع. وفي السياق ذاته؛ تم التطرق إلى مسألة جد حساسة تتعلق بالعنف الناتج عن تداعيات المأساة التي عاشتها الجزائر خلال تسعينيات القرن الماضي من خلال محاضرة عن دراسة أجريت حول ''العنف في المؤسسات التربوية والمصير المدرسي للأطفال''، والتي ركزت على وضعية المعلمين الذين يعنفون تلاميذهم بسبب تعرضهم للعنف أثناء الأزمة الأمنية في غياب تكفل نفسي بهم. ويطرح الملتقى مواضيع أخرى لاتقل أهمية منها ''الأمثال الشعبية كخلفية للعنف في المجتمع الجزائري''، و''دور التربية الرياضية في الوسط المدرسي في الحد من العنف''، ''الموروث الديني وثقافة العنف في المجتمع''، ''العنف كقيمة اجتماعية''، ''دور الأفلام الكارتونية في زيادة العنف وترسيخه لدى الأطفال''.