تعد ظاهرة استهلاك المخدرات داخل المؤسسات التربوية وبالوسط المجاور لها من بين العوامل الرئيسية المؤدية لبروز ظاهرة العنف في المدارس وحدوث التسرب المدرسي وفق، ما أكده المشاركون في الملتقى الدولي حول الإرشاد النفسي ودوره في تطوير المؤسسات التربوية الذي تحتضنه جامعة قاصدي مرباح بورقلة. وفي هذا السياق أوضحت الأستاذة فريدة قماز من جامعة فرحات عباس بسطيف في مداخلة لها في أشغال الملتقى تحت عنوان ''دور الإرشاد الجمعي في خفض الطلب على المخدرات''، بأن استهلاك المخدرات داخل الوسط المدرسي يعد من بين الأسباب الرئيسية المؤدية لظاهرة العنف في المدارس والتسرب المدرسي. وقالت المتدخلة بأن الإرشاد النفسي الجماعي يعتبر من بين الطرق التي تساهم في معالجة هذه الظاهرة وهو يهدف كما أضافت إلى تعليم أعضاء المجموعة المستهدفة مهارات الاتصال وطرق حل المشكلات التي تعترض سبيلهم، كما أن هذا الإرشاد الجماعي يسمح للأطفال والمراهقين والمدمنين بتعلم طرق الاعتماد على النفس وعدم الاستسلام للواقع الذي وضعوا أنفسهم فيه. وأوضحت بأن فئة التلاميذ الذين تتراوح أعمارهم ما بين 14 و16 سنة تعد الأكثر عرضة لاستهلاك المخدرات مذكرة بإحدى الدراسات التي كانت قد أجريت بالجزائر العاصمة سنة 1999 وشملت 14 ثانوية وجاء فيها بأن 14 في المائة من التلاميذ تعاطوا المخدرات ولو مرة واحدة داخل المؤسسة التعليمية، قائلة بأن ظاهرة المتاجرة في المخدرات قد غدت مشكلة اقتصادية بالنسبة للعديد من دول العالم حيث تخضع لقانون العرض والطلب تماما مثلما تخضع لذلك أي سلعة استهلاكية أخرى مبينة بأن المخدرات في بعض دول العالم أصبحت اليوم مجالا لاستثمار واسع وتحقيق الربح، و بالتالي فهي بالنسبة لهذه الدول مورد مالي تعتمد عليه في تسيير اقتصادياتها مما أصبح من المستحيل القضاء على هذه الآفة وإزالتها بشكل كامل. نفس التوجه ذهبت إليه الأستاذة حنيفة صالحي من جامعة ''الحاج لخضر بباتنة'' في محاضرة لها بعنوان ''الإرشاد النفسي الجماعي تواصل و تكفل''، عندما أكدت بأن أهمية هذا النوع من الإرشاد النفسي الجماعي في المؤسسات التربوية يسمح بانتشال المراهق الجزائري من الأخطار المحدقة به وأن لا يذهب ضحية لاتجاهات ثقافية و إيديولوجية متضاربة كالتي يعيشها اليوم بكثير من المعاناة و الغموض على حد تعبيرها. وقالت بأن الجزائر عرفت خلال العشرين سنة الأخيرة تغيرات كبيرة وخاصة أثناء عشرية العنف مما أوجد -كما أضافت- جيلا يفتقر إلى معيار الإجماع الوطني الذي كان سائدا أثناء حرب التحرير الوطنية. وأوضحت بأن الإرشاد النفسي في المؤسسات التربوية سيما في مرحلة التعليم الثانوي، يعد وسيلة هامة لتقويم الاعوجاج الذي قد يطال نفسية المراهقين وخلصت إلى القول إن إصلاح المنظومة التربوية يجب أن لا يقتصر على إعادة النظر في البرامج التربوية المقترحة وإنما يجب أن يتجه أيضا إلى كيفية تفعيل العلاقات الإنسانية في المؤسسات التربوية حيث يبقى الإرشاد النفسي على رأس الطرق المثلى لتحقيق هذا الهدف. للإشارة فإن أشغال الملتقى الدولي حول الإرشاد النفسي ودوره وأهميته في تطوير المؤسسات التربوية الذي ينظمه مخبر تطوير الممارسات النفسية والتربوية بقسم علم النفس وعلوم التربية تتواصل في يومها الثاني والأخير على مستوى أربع ورشات والتي من المنتظر أن تصدر مجموعة من التوصيات.