طغت مسألة تعزيز صلاحيات أعضاء المجلس الشعبي الولائي وتوضيح العلاقة بينها وبين صلاحيات الوالي على أشغال اليوم الثاني لمناقشة نواب المجلس الشعبي الوطني لمشروع قانون الولاية، حيث طالب معظم المتدخلين بضرورة تفعيل أداء المجالس الشعبية الولائية ومهامها وتحويلها من الطابع الشكلي الاستشاري إلى الطابع التقريري، حتى يتسنى لها تجسيد ومتابعة برامج التنمية محليا على أكمل وجه. وذهب بعض النواب في مداخلاتهم خلال جلسة مناقشة مشروع القانون المتعلق بالولاية التي استؤنفت، بعد ظهر أمس، برئاسة السيد مسعود شيهوب نائب رئيس المجلس الشعبي الوطني، وحضور وزير الداخلية والجماعات المحلية السيد دحو ولد قابلية والوزير المكلف بالعلاقات بين الحكومة والبرلمان السيد محمود خوذري، إلى اعتبار أن المجلس الشعبي الولائي بعيد كل البعد عن مخططات التنمية المحلية، بسبب الصلاحيات المحدودة التي يخولها له القانون والتي تكاد تقتصر حسب النائب، من كتلة الأحرار، أحمد بابا عمي في المصادقة الشكلية على ميزانية الولاية ومناقشة برنامج الوالي. ودعا المتحدث بالمناسبة إلى ضرورة إيجاد جو تنافسي إيجابي بين الولايات من خلال تشجيعها على استغلال موارد التنمية المحلية والمساهمة في خلق الثروة، بينما أشار معاد بوشارب النائب عن حزب جبهة التحرير الوطني إلى مسألة تغييب العلاقة بين المجلس الشعبي الولائي وفعاليات المجتمع المدني الناشطة على مستوى الولاية، علاوة على ما وصفه ب''الضبابية في التواصل الإعلامي بين الإدارة والمنتخبين، وأشار نفس النائب إلى ضرورة تفعيل العلاقة بين النواب والمنتخبين المحليين مع تكثيف دورات التكوين والتأهيل لصالح هؤلاء. من جانبه، اعتبر النائب محفوظ غرابة أن التداخل بين صلاحيات الوالي والمجلس الشعبي الولائي هو السبب الرئيسي لحالات الانسداد التي عرفتها بعض الولايات، والتي أدت -حسبه- إلى تأخير تطبيق مشاريع التنمية المحلية، وسجل في سياق متصل عدم تطرق مشروع القانون الجديد المتعلق بالولاية على مسألة التعويضات والمنح الخاصة بأعضاء المجلس الشعبي الولائي، مع كثرة الإحالة على التنظيم الواردة -حسبه- في 27 مادة من المشروع، في حين طالب النائب فضيل زغواطي من حزب جبهة التحرير الوطني بإنشاء خلايا على المستوى الولائي تتكفل بالإصغاء لانشغالات المواطنين وذلك تفاديا لتكرار حالات الاحتجاج الشعبي الذي يمس بالسكينة العمومية على حد تعبيره. واعتبر نفس النائب أن الصلاحيات الخاصة بالمجلس الشعبي الولائي تبدو واضحة في المادة 74 من مشروع القانون الجديد، ''غير أن صلاحيات الوالي أوسع وأكبر من صلاحيات المجلس الولائي، الذي يجد صعوبة بذلك في متابعة المشاريع المحلية''. ولم يفوت المتحدث بالمناسبة فرصة الحديث عن ضرورة تسهيل العمل التنموي على المستوى المحلي، دون الإشادة بقرار الحكومة بمنح مهام دراسة الصفقات العمومية للهيئات القطاعية، وكذا بقرار الوزير الأول بتحويل مهام ترقية السياحة محليا على الولاة بدلا من الوزارة المعنية بالقطاع، متسائلا في الأخير عن مصير مشروع التقسيم الإداري الجديد ''الذي كثر الحديث عنه في الفترة الأخيرة دون أن يرى طريقه إلى التجسيد''. بدورها، أثنت النائبة زبيدة خرباش من حزب العمال على ''بعض الأحكام الإيجابية التي جاء بها مشروع القانون المتعلق بالولاية، مسجلة في المقابل ضرورة توضيح الفرق بين صلاحيات المجلس الشعبي الولائي والوالي بصفته الآمر بالصرف، واقترحت في سياق متصل توسيع اللجان الدائمة للمجلس الشعبي الولائي بإدراج لجنة التربية والتكوين المهني، علاوة على اعتماد عدد الأصوات في انتخاب رئيس المجلس الشعبي الولائي في حال تساوي القوائم، مع منح هذه المهمة للعضو الأكبر سنا في حال تساوي عدد الأصوات. والتقت مداخلتا كل من النائب مختارية رقيق من حزب جبهة التحرير الوطني والنائب عن كتلة الأحرار بلقاسم مزيان في التأكيد على أن توزيع المهام بين الوالي والمجلس الشعبي الوطني والفصل بينها يؤدي إلى تحقيق التكامل بين الهيئتين ويعمل على تحسين التواصل والتنسيق بينهما بشكل مهم، معتبرين بأن هذا التواصل والتكامل في المهام من شأنه ترقية الديمقراطية على المستوى المحلي ودعم برامج التنمية ويضمن لها طابع الاستدامة. وقد استمرت جلسة مناقشة مشروع القانون المتعلق بالولاية الذي يندرج في إطار برنامج الإصلاحات السياسية التي بادر بها رئيس الجمهورية إلى نهاية نهار أمس، حيث استمع النواب فيما بعد لرد وزير الداخلية والجماعات المحلية على الانشغالات التي عبر عنها المتدخلون في إطار المناقشة العامة التي تمت على مدار يومين.