يحيي الاتحاد الوطني للفنون والثقافة في 11 فيفري القادم وعلى مدار يومين ذكرى رحيل الفنان الكبير علي خوجة الذي ترك تراثا فنيا زاخرا. في حديثه ل'' المساء'' أشار السيد عبد الحميد لعروسي، الأمين العام للاتحاد، إلى أن إحياء هذه الذكرى هو عرفان لهذا الرجل الذي وهب حياته للفن وللجزائر وتربت على يديه أجيال متعاقبة من الفنانين وصل الكثير منهم إلى صف الشهرة. تتمثل هذه التظاهرة في عرض بعض أعمال الراحل وأعمال بعض تلامذته وكذا تنظيم ندوات على مدار يومين برواق ''محمد راسم''، حيث سيشارك جمع من الأساتذة والفنانين من خلال محاضرات خاصة بحياته الفنية وبأسلوبه الفني الذي أصبح مدرسة قائمة في حد ذاتها. للإشارة؛ فإن قاعة ''محمد راسم'' تتسع لأزيد من 100 مقعد وهي مستعدة لقبول الجمهور الشغوف باكتشاف مآثر هذا الفنان. وأشار السيد لعروسي إلى أن فن خوجة فن ملون يثير الغموض ويحمل إيحاءات تعبيرية مستمدة من شحنة شخصية شعورية ولا شعورية، تغازله فيرسمها في لوحات يستعمل فيها كل التقنيات من الأكورال والغواش والألوان الزيتية وغيرها من التقينات التي يتحكم ويملكها كموهبة ورثها عن عائلته الفنية وعلى رأسها خاله عمر راسم. لقد كان علي خوجة رساما كبيرا حمل ألوان فنه عاليا وكان خير وريث لعائلة راسم، برع في تنسيق الألوان وأبدع منمنمات رائعة سارع عشاق الفن إلى شرائها في وقتها ولايزالون يحافظون عليها. علي خوجة كخاله محمد راسم لم يكن إنسانا منغلقا في التقاليد وإنما متفتحا على العالم، يتمتع بفضول كبير على كل ما يبدع في العلوم والثقافة، اتجه نحو الرسم لأنه كان يرى فيه الشكل الفني الكفيل بتجاوز القواعد وفي نفس الوقت يعيش زمانه، وله القدرة الكافية على تحطيم الأطر النمطية البيعدة عن الابداع وإعادة الاكتشاف. استطاع الراحل خوجة بفضل تجديده للمنممات أن يستقطب إعجاب الكثير من فناني العالم الإسلامي ورافق الكثير من أبناء جيله الذين كتبوا أسماءهم بأحرف من ذهب مثل تمام وبوطالب وبشير يلس وكلهم أعطوا دفعا للفن الجزائري، خاصة في أسلوب المنمنمات. كان يقول الراحل ''إن جنسية اللوحات مرتبطة بجنسية الفنان إلا أن ذلك لا يمكن حصره في حدود معينة لأن الفن بطبيعته فن عالمي يستلهم من أشياء ورموز لا يمكن تحديد جنسيتها''. ولد علي خوجة في الثالث عشر جانفي 1923 تكفل بتربيته بعد وفاة والده سنة 1927 أخواله ليتعلم فن المنمنمات علي يد خاله العملاق عمر راسم، أخذ علي خوجة يعرض لوحاته في عديد المعارض ليفوز سنة 1942 بميدالية ''سيفري''، أولى جوائز مدينة الجزائر (فرع المنمنمات). شارك سنة 1947 في معرض جماعي في البلاد الاسكندنافية بكل من استوكهولم وأوسلو وكوبنهاغن، حيث عرض لوحتين في فن المنمنمات هما ''داخل إحدى البيوت الموريسكية'' و''ضواحي الجزائر العاصمة''. ابتداء من 1962 شارك في أولى المعارض المنظمة بالجزائر، وسنة 1963 أصبح عضوا مؤسسا للاتحاد الوطني للفنون التشكيلية. تحصل سنة 1970 على الجائزة الوطنية الكبرى للرسم وسنة 1987 تلقى وسام الاستحقاق الوطني، كما كان عضوا في لجنة التحكيم الدولية للمعرض الدولي الأول الذي ينظم كل سنتين للفنون التشكيلية بالجزائر، وكذا رئيسا للجنة تحكيم الطبعة الثانية من ذات المعرض سنة .1989 توفي الراحل عن عمر ناهز 87 سنة إثر مرض عضال ودفن بمقبرة سيدي عبد الرحمان بالعاصمة. عرف الراحل بتواضعه الشديد وحديثه الهادئ وتدخلاته الصائبة، خاصة أثناء الملتقيات الكبرى وببساطة تعالمه مع الآخرين الأمر الذي زاد من رفعة مقامه.