ينظم المركز الثقافي الفرنسي من 2 إلى 25 فيفري الداخل معرضا للصور الفوتوغرافية من إمضاء إيف جانموجان بعنوان ''مارسيليا حي الجنوب''، يبرز التنوع الثقافي والاجتماعي لهذه المدينة المتوسطية العتيقة ويرسم بعضا من ملامح التغيرات التي تعيشها في الزمن الراهن. المعرض يتيمز بالاحترافية باعتباره مجهودا لأحد كبار المصورين الفوتوغرافيين في فرنسا وفي كامل أوروبا، أصبحت أعماله مرجعا هاما في أهم المؤلفات والروبورتاجات وغيرها. عبر 25 سنة من الاحترافية؛ يحاول هذا المصور تجسيد نظرته الخاصة لمدينة مارسيليا التي تعتبر في حد ذاتها ألبوما من الصور الحية ذات أصالة وخصوصية مستمدة من جذور جنوب المتوسط. منذ 10 سنوات راجت صور إيف عبر كل الآفاق وأصبحت دعما لمختلف الكتابات منها مثلا (أي أعماله) ''مارسيليا مارسيليا'' (1992)، ''مالهوس.. بورتريه مدينة ''(1994)، ''أوراق وصور سجن'' (2001) و''المنحدرون من الجزائر'' .2005 تتميز أعمال هذا المصور بارتباطها بالجانب السوسيولوجي وبالواقعية الحية والمثيرة والخاضعة دوما للبحث العلمي، حيث يستعين إيف بخبراء في السوسيولوجيا، أمثال شانتال بلاز لينجز فيما بعد ما يشبه ''ألبوم العائلة'' يتناول فيه واقع الجاليات المارسيلية التي تحتكر في معظم الأحيان ''كليشيهاته''. لا يكتفي المصور بالتشخيص الجاف لما يلتقطه، لكنه يتعدى ذلك إلى محاولة توضيح ما يقدمه من صور من خلال مقاربات عديدة ومختلفة ومن مواقع متعددة أثناء التصوير وكأنه يرصد مصيرا معينا للأشخاص والجاليات المارسيلية. يرى إيف أن تنوع المدينة هو الذي يصنع المدينة ويضع خصوصياتها وملامحها، كما أن التنوع ماهو إلا جسر للارتباط بالآخر والتكامل معه ليس من أجل تغيير واقع ما وإنما من أجل تشكيله. يكشف المصور الواجهة الخلفية لمدينة مارسيليا وعن الجاليات المهاجرة فيها التي طحنتها حياة هذه المدينة وبذلك تتحول عملية التصوير من مجرد إلتقاط لصور فوتوغرافية إلى بحث تاريخ وإلى مرجع ومرآة تعكس واقع مارسيليا في الزمن الحاضر. يشتغل إيف على البورتريهات، كما أنه يحرص على أن يجعل من جمهوره تائها، بين حدود ''هنا وهناك''، أي بين مارسيليا والوطن الأم مع تقديم توضيحات عن التحولات المشهودة بالمدينة. تشخص الصور أيضا شوارع مارسيليا ومبانيها (خاصة البيوت) والأماكن العامة التي هي بمثابة مسرح يشهد يوميات المدينة. ما يميز المعرض هو محاولة البحث عن بصمات الغير في تاريخ وتطور المدينة منذ العهد الإغريقي باعتبار أنها كانت من أهم المنافذ البحرية في المتوسط، وعلى رأس الجاليات بمارسيليا الجالية المغاربية (خاصة الجزائرية) والإفريقية، والآسيوية والروسية وغيرها. بالنسبة للجزائريين؛ فإنهم غالبا ما يصفون مارسيليا بأنها الولاية رقم 49 لقوة تواجد الجالية الجزائرية بها، كما يصفها غيرهم بأنها مدينة ملحقة، أي أنها ملحقة لبلدان أخرى من فرط تنوعها وقوة وجود الجاليات بها. المعرض يكرس مبدأ احترام الآخر وللقيم الروحية والفنية وكل صورة معرضة تقرأ ضمن مضمونها ومع ذلك - دون مبالغة - فهي قابلة لتخطي حدود العالمية. للتذكير؛ فإن المصور إيف جانموجان الذي سيحضر معرضه بالجزائر من مواليد 1944 بالدار البيضاء المغربية، يعيش بمدينة مارسيليا، حيث يمارس نشاطه الفني، علما أن انطلاقته كانت سنة 1973 بوكالة ''فيفا'' وعبر هذه السنوات الطويلة تناول عدة مواضيع وعالجها سواء الاجتماعية أو السياسية الاستراتيجية أو الثقافية والتاريخية وذلك بالتعاون مع مؤسسات ومراكز البحث وقد خص الجزائر ببعض أعماله، منها ''حدثوني عن الجزائر''، ''مارسيليا - الجزائر في مرآة الذكريات'' سنة ,2003 ''المنحدرون من الجزائر'' ,2005 ''الجزائريون أخوة دم'' ,2005 يعمل إيف حاليا على مشاريع تتعلق بالتراث السياسي والثقافي والذاكرة التاريخية لأوروبا ومسار الهجرة والهويات.