كما كان متوقعا شكلت المبادرة العربية لإنهاء الأزمة السورية المنعرج في كيفية تعاطي الدول الأعضاء في مجلس الأمن مع تطورات المأساة السورية بين مؤيد ومعارض لها وأحدثت حلحلة في المواقف قد تعجل بإيجاد مخرج لهذا المأزق الدبلوماسي. وكان اجتماع مجلس الأمن الدولي، مساء أمس، مناسبة لتحديد آليات التعامل مع مستجدات الوضع وكذا معرفة ما إذا كانت روسيا العقبة التي حالت إلى حد الآن دون تمرير المبادرة العربية قد تفاعلت ايجابيا مع المسعى العربي لإنهاء الأزمة أم أنها أبقت على مواقفها المبدئية و''لاءاتها'' الرافضة لمضمون المبادرة العربية وربطت ذلك بحتمية عدم تجاوز ''الخطوط الحمراء'' التي وضعتها وأبت التراجع عنها مهما كان. وذهب نائب وزير الخارجية الروسي غينادى غاتيلوف أمس إلى حد التحذير من أن أي ضغط لتمرير مشروع القرار الغربي العربي حول سوريا سيفتح الباب أمام اندلاع حرب أهلية في هذا البلد وأكد أن ''المسودة الغربية لقرار مجلس الأمن لا تبحث عن تسوية لأازمة. وكان التحذير الروسي موجه إلى تدخلات وزراء خارجية الولاياتالمتحدة وبريطانيا والولاياتالمتحدة وسفراء الدول الأوروبية غير الدائمين الذين رافعوا من اجل تمرير مشروع القرار بقناعة أنه البديل المتاح حاليا من اجل إنهاء الانزلاق الأمني في مختلف المدن السورية. وفي الوقت الذي بقيت فيه روسيا في موقع الدفاع عن موقفها تحركت الآلة الدبلوماسية الغربية في هجوم غير مسبوق بعد أن التحق وزير الخارجية الفرنسي ألان جوبي والبريطاني وليام هيغ بمدينة نيويورك لتقديم الدعم اللازم لوزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون، على أمل ممارسة ضغط معنوي على المناقشات الهامشية ولعبة الكواليس في مقر الأممالمتحدة على أمل التوصل إلى أرضية توافقية لوقف التصعيد الجنوني لعمليات القتل التي خلفت خلال أسبوع 400 ضحية. وهي الرغبة التي عبر عنها الأمين العام الاممي بان كي مون الموجود حاليا في جولة شرق أوسطية وقال أن الأمل يبقى قائما في أن يأتي الاجتماع بثماره بقناعة أن ما يجري في سوريا يعد تهديدا لعملية السلام في المنطقة. ولأجل ذلك أيضا دعت أطياف المعارضة السورية إلى يوم للحزن في كل ربوع البلاد احتجاجا على التصعيد العسكري السوري ضد المدنيين والحصار المفروض على بعض المناطق التي فجرت شرارة الثورة ضد النظام القائم في دمشق. ولكن السلطات السورية بررت هذا التصعيد بسعيها إلى إحكام قبضتها على'' الجماعات الإرهابية التي زرعت الرعب في أوساط المواطنين المسالمين''. وإذا كانت جلسة أمس لم تشهد عملية تصويت على مشروع القرار، فإن اللقاء كان مناسبة للأمين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي ووزير الخارجية القطري الشيخ حمد بن جاسم آل ثاني من أجل عرض مشروع المبادرة العربية والذي استمدت الدول الغربية الخطوط العريضة منه قبل صياغة مشروع قرارها وفشلت إلى حد الآن في تمريره عبر مجلس الأمن بسبب المعارضة الروسية الصينية لكل فكرة لتغيير النظام أو فرض عقوبات إضافية عليه. واقترحت بدلا عن ذلك تنظيم مفاوضات بين النظام السوري والمعارضة من اجل التوصل إلى تسوية تفاوضية في مقترح سارع المجلس الوطني السوري إلى رفضه ما لم يتضمن جدول أعماله نقطة تؤكد رحيل فوري للرئيس بشار الأسد.