تشتهر الأسر ''اللمدانية'' بعادات وتقاليد ورثتها منذ القدم، جعلتها تتميز عن الولايات الأخرى؛ فهي تمتاز بالتنوع والثراء والخصوصية مشكلة بذلك فسيفساء من الأطباق المحلية لا تقاوم من حيث الشهية، معبرة تارة عن أصالة سكان المدية وتارة أخرى عن معاصرة المجتمع الجزائري، ورغم التشابه الحاصل في التنظيم الاجتماعي لسكان ولاية المدية، إلا أن هناك تباينا وتمايزا في تحضير الطبق ذاته من منطقة لأخرى، على غرار بني سليمان، البرواقية، قصر البخاري وتابلاط ولعل أشهر الأطباق التي تختص وتتزين بها المائدة اللمدانية، الخليع، العصبان، الطبيخة، دشيشة المرمز، هذه الأخيرة التي تتزين بها الموائد في رمضان. يتميز إقليم الولاية بالتدرج والتباين في المناخ والنبات، كما أنها تعد منطقة فلاحية بالدرجة الأولى، حيث تكثر فيها حقول القمح والشعير وأشجار التفاح والكروم، إضافة إلى تربية المواشي من أغنام وأبقار ودواجن، معروفة ببرودة شتائها الذي كان له تأثير كبير على تنوع مأكولاتها الشعبية؛ فالعائلة اللمدانية تدخر في فصل الصيف كميات هامة من مشتقات الحبوب كالكسكس والمحمصة والدشيشة والبركوكس، لتقاوم بها برد الشتاء إلى جانب الخليع أو اللحم المجفف بالملح، أما عن الخضروات والفواكه فسكان المدية يعتمدون على طريقة التصبير، كتصبير الطماطم والفلفل والزيتون ويجعلون من الفواكه المتنوعة على غرار التفاح، الإجاص، التين، المشمش والعنب مربى يغنيهم عن المربى المعلب الذي يباع في الأسواق. ومن أشهر الأطباق التي تختص وتتزين بها المائدة اللمدانية نجد طبق شطيطحة بالمخ والذي يحضر بمخ الخروف والطماطم والثوم وحبات من البيض، إضافة إلى طبق دشيشة المرمز والتي تقدم كشربة في رمضان لا يمكن للعائلة اللمدانية الاستغناء عنها طيلة 30 يوما، كما أن دشيشة المرمز تحضر بطريقة ثانية جافة بالسكر والزبدة بعد طبخها مع قليل من الماء، تستخرج من حبوب الشعير، كما تشتهر المنطقة بطبق ''التبيخة'' وهي أكلة مفضلة لدى الكثير من العائلات تحضر بالفول والأرز على شكل حساء يكثر استهلاكها خلال فصل الربيع، إلى جانب هاته الأطباق هناك طبق مشهور وهو العصبان الذي يستهلك في الشتاء بكثرة وبالأخص في المناسبات كحفلات الزفاف وعيد الأضحى، والعصبان عبارة عن قطع صغيرة من الكبد والرئة وقليل من التوابل والثوم والطماطم تجمع في قطع من معدة الخروف وتخاط وتطهى وتقدم ساخنة على شكل كريات تشابه حبة البرتقال، أما في بعض المناطق الأخرى على غرار مدينة تابلاط، بني سليمان؛ فالعصبان يحضر بطريقة مغايرة، حتى أن اسمه يتغير من العصبان إلى الدوارة أو البكبوكة بنفس المكونات ويعتبر طبقا رئيسيا دون منازع. ومن الأطباق التي تشتهر بها المدية طبق ''البلبول'' الذي يقال إن أصوله تركية وهو عبارة عن خبز يابس يهرس ويفتل على شاكلة الكسكس مع الزعتر ويمزج بالسكر عند التقديم وزيادة على ما ذكر من أطباق؛ فهناك طبق العصيدة الذي ينصح بتقديمه للأطفال الصغار، خاصة في الأشهر الثلاثة الأولى، فهو صحي وهو عبارة عن سميد يتم طبخه في الماء وعندما يجف تضاف له الزبدة والسكر ويقدم ساخنا ويكثر استهلاكه في فصل الشتاء مع تساقط الثلج. عند الحديث عن الأطباق التي تشتهر بها المدية، لابد من ذكر الطبق الذي لا يمكن أن تتخلى عنه العائلات اللمادنية يوم الجمعة، ألا وهو الكسكس بمختلف أنواعه وطرق تحضيره؛ فهناك كسكس بالمرقة البيضاء والحمراء، والمسفوف بالجلبانة وكذا الكسكس بالفول الذي يستهلك بكثرة في فصل الربيع وهناك الكسكس الأسود المصنوع من دقيق الشعير الذي ينصح بتناوله لمرضى المعدة والقولون بتأكيد من الأطباء، طبق الروينة التي تصنع خالصة من القمح الصلب الذي يطحن ويغربل ويضاف له السكر والماء وتأكل بطريقتين إما ''مسفوفة'' أو على شكل خليط بالماء أو زيت الزيتون وتحضر في ''الوعدات'' لدفع السوء حسب المعتقدات، كما تمنح للأطفال من حفظة القرأن عند ختم حزب أو أحزاب من كتاب اللّه. تضاف إلى هذه الأطباق مجموعة من الحلويات التي تتفنن في صنعها أنامل المرأة اللمدنية وهي، المقروط، الغريبية، الصامصة، التشاراك والبقلاوة ولعل هذه الأخيرة تعد من أشهر حلويات الأتراك خاصة وأنهم اتخذوا من عاصمة الولاية قاعدة خلفية لحماية دار السلطان بالعاصمة. على غرار مناطق الوطن؛ فالمدية تشترك معهم في عدة أطباق كالبغرير، خبز المطلوع، المسمن أو المعارك، الخفاف أو السفنج، إلا أن هذه الأطباق ونتيجة تغير الذهنيات ودخول مأكولات عصرية إلى المجتمع اللمداني، بدأت تزول تدريجيا خاصة بعد وفاة كبيرات السن، إلى جانب عزوف نساء اليوم عن تحضير مثل هاته الأطباق نظرا للوقت الذي تستغرقه في التحضير وكذا عدم معرفة البعض الآخر لطرق تحضيرها.