شهدت العديد من ولايات الوطن منذ أكثر من شهر اضطرابات كبيرة في التزويد بغاز البوتان الأمر الذي تعقد أكثر مع الاضطرابات الجوية الأخيرة مما دفع بسكان القرى والأرياف إلى العودة للوسائل القديمة للتدفئة من خلال جمع الحطب، ورغم حل إشكالية المتعاملين الخواص المتعاقدين مع شركة نفطال ليقوموا بتوزيع قارورات غاز البوتان بالمناطق البعيدة إلا أن الأوضاع لم تتحسن، علما أن مؤسسة نفطال التي توزع المنتوج اليوم عبر 42 وحدة على مستوى التراب الوطني تضمن سنويا تسويق أكثر من 20 مليون قارورة مع ضمان مخزون يصل إلى مليون قارورة غاز، غير أن الإنتاج على ضوء الطلب المتزايد يبقي ضعيفا ولا يلبي كل الطلبات. يتهافت كل صباح المئات من المواطنين على وحدات توزيع غاز البوتان بالعاصمة على غرار باقي ولايات الوطن للظفر بالأماكن الأولى للحصول على قارورة غاز البوتان، وهو المنتوج الذي أصبح لا يلبي طلبات السكان على حد تعبير عدد منهم ممن التقيناهم بوحدة بئر خادم، حيث أكد لنا احد المواطنين أن الطابور يتشكل قبل حتى صلاة الفجر خاصة في الأيام الأخيرة التي تزامنت مع التقلبات الجوية، ونظرا لقلة العرض حددت وحدة التوزيع حصة كل مواطن في قارورة واحدة فقط وهو ما خلف استياء كبيرا وسط المواطنين الذين قدموا من مختلف بلديات العاصمة للبحث عن قارورة الغاز التي تحولت إلى منتوج نادر لا يمكن إيجاده إلا بشق الأنفس. وبغرض التعرف أكثر على السبب الحقيقي وراء الإشكالية التي زادت من معانات المواطنين خاصة سكان الأحياء الجديدة التي لم يتم بعد ربطها بشبكة الغاز الطبيعي، تقربنا من عمال وحدة التوزيع الذين أكدوا لنا بدورهم أن الإشكال يتجاوزهم، محملين سبب ندرة المنتوج إلى الطلب المتزايد من جهة، بالإضافة إلى العودة القوية للموزعين الخواص الذي يستغلون نفوذهم للاستحواذ على أكثر من 60 بالمائة من حصة الوحدة ليقوموا بتوزيعها على العديد من البلديات والأحياء الجديدة، غير أن ما سجل على ارض الواقع هو الاحتكار والمضاربة التي استغلها الموزعون لبيع المنتوج بثلاثة أضعاف تكلفته الحقيقية، حيث أكد لنا احد المواطنين أن سعر القارورة الواحدة وصل إلى 700 و800 دج عند الخواص، في حين يتم بيعها بوحدة التوزيع التابعة لنفطال بسعر 230 دج، وعليه فهو يفضل اقتناء المنتوج من وحدة التوزيع. ولدى تقربنا من احد الموزعين الخواص أكد لنا أن السعر المطبق يعود بالدرجة الأولى إلى تكلفة المنتوج مع الأخذ في الحسبان المسافة المقطوعة وهامش الربح، مشيرا إلى أن المنافسة غير الشرعية لعدد من الموزعين غير المتعاقدين مع وحدات نفطال تحول دون تنظيم نشاط تسويق قارورات غاز البوتان مما جعل كل موزع يحدد تسعيرته الخاصة بعيدا عن سعرها الحقيقي عند الشراء. نفطال تجدّد عقدها مع المتعاملين الخواص لتدارك النقص إشكالية ندرة غاز البوتان بالعديد من ولايات الوطن ليست وليدة اليوم بل تعود إلى نهاية السنة الفارطة عندما قررت مؤسسة نفطال فسخ الاتفاقية المبرمة مع 14 متعاملا خاصا، وهي شركات لا تملك الكثير من الإمكانيات مما يسمح لها باقتناء قارورات غاز البوتان بغرض التعبئة والتوزيع، وعليه فقد كانت تنشط منذ سنة 2007 بالقارورات التي كانت تزودها بها نفطال التي أمهلتها أربع سنوات فقط لاقتناء مخزونها من القارورات، علما أن لديهم رخصة من وزارة الطاقة والمناجم لتوزيع قارورات غاز البوتان ومد يد المساعدة لوحدات نفطال ال42 بغرض توفير 15 بالمائة من المنتوج عبر جميع بلديات الوطن خاصة النائية منها، لكن بعد انتهاء العقد يوم 31 ديمسبر الفارط وجدت هذه الشركات نفسها من دون مخزون وهو ما اثر سلبا على عملية التوزيع الأمر الذي دفع بشركة نفطال إلى تجديد العقد لسنة أخرى مع نهاية شهر جانفي الفارط إلى غاية توفير المتعاملين لمخزونهم الشخصي من قارورات الغاز التي يمكن اقتناؤها من مؤسسة نفطال نفسها، لكن هذه المرة بشرط أن يشارك المتعاملون في الإنتاج بعد التوقيع على عقد التعاون الجديد ابتداء من السنة القادمة. من جهة أخرى أكدت مصادر من مؤسسة نفطال أن إنتاج قارورة غاز البوتان يبلغ 20 مليون قارورة سنويا مع ضمان احتياطي لأوقات الذروة يصل إلى 1 مليون وحدة مخزنة عبر 50 موقعا بالتراب الوطني، وهو ما يؤكد أن الجزائر تستهلك سنويا قرابة 2 مليون طن من غاز البوتان سنويا. وبخصوص إمكانية تغيير شكل قارورات الغاز تماشيا والمقاييس العالمية الجديدة أكدت مصادرنا أن المقاييس التي تتعامل بها الشركة تركز أكثر على توفير مقاييس الأمان، حيث يتم اقتناء سنويا 500 ألف قارورة غاز بوتان جديدة. وعن الندرة تؤكد مؤسسة نفطال استدراك الوضع خلال الأيام القليلة القادمة مرجعة سبب تواصل الندرة إلى الاضطرابات الجوية الأخيرة التي حالت دون إمكانية نقل المنتوج إلى العديد من نقاط البيع بسبب غلق الطرقات البرية والسكة الحديدية.