جمعت تلمسان لأكثر من ألفية وعبر مراحل متعددة من تاريخها الكثير من الاهتمام، من بوماريا الى أغادير، تقرارت وأخيرا تلمسان، ويشكل الجانب الهندسي والفن المعماري الدليل المادي على العناية البالغة التي أولاها بها الحكام وقتئذ للمدينة، وفي معرض افتتح الأربعاء بمتحف التاريخ الحديث تم تسليط الضوء على فن المعمار وتاريخ المواقع والمعالم بتلمسان. وأوضح نائب رئيس دائرة المعارض السيد أمين بودفلة، فان المعرض يضم ثماني أجنحة وثلاثة فضاءات، الأول للشباب والثاني للنقاش والثالث للعرض، واعتبره هو فرصة للتلمسانيين لمعرفة الحواضر التي عرفتها المدينة وكيف كانت مهمة للحكام خلال أكثر من ألفية، وتركت كل حقبة تاريخية معالم عكست الجماليات التي كانت تشيد بها معالمها وإبداعات بالغة الروعة. ويسلط معرض فن المعمار وتاريخ المواقع والمعالم في تلمسان، الضوء على الفترة القديمة إذ كانت تسمى بوماريا نسبة الى بوماريا بومون إله الحدائق، وأعطى الرومان اسم بوماريا لمستعمرتهم في (تلمسان) نظرا لوفرة الحدائق بها والأشجار المثمرة وكانت عبارة عن محطة الفرسان الذين كانوا يسهرون على حراسة الممر الرئيسي الذي يربط بين ألتافا( أولاد ميمون) ونوميروسيروروم (مغنية) والسهل الشمالي. ومع الفتوحات الاسلامية، ظهرت أغادير وهي حي من أحياء تلمسان وموقع المركز الروماني القديم لبوماريا ثم مدينة تلمسان، أول مسجد بني بأغادير كان بعمل ادريس الأول وشيد بموقع معبد الإله أوسليفا، ويمكن قراءة اسم بوماريا مكتوب على الحجارة الرومانية الموجودة على الجهة الشمالية لصومعة أغادير. وفي عهد المرابطين والموحدين، ظهرت تاقرارت التي تعني بالامازيغية ''معسكر''، ومن الانجازات التي طبعت تواجد الموحدين هي المساجد الثلاثة التي شيدت في كل من تلمسان ندرومة والجزائر العاصمة، وترك الموحدون بتلمسان كنز مكون من العديد من القطع النقدية المسماة بالدرهم وهي على شكل مربع. ثم ارتقت مدينة تلمسان الى عاصمة للدولة الزيانية في عهد حكم يغمراسن، وقام أبناء يغمراسن بتحصين أسوار المدينة وبناء المساجد والقصور الجميلة والخانات (الفنادق) للمسافرين، وبيّن المؤرخ يحي بن خلدون أن ابن تشفين (1318_1337) كان يتقن الرسم وكانت له اهتمامات معمارية وقد استرجع وطور مخططات تجميل العاصمة التي شيدها والده، إذ عرفت تلمسان أوج ازدهارها، ومن بين كل المعالم الموجودة بتلمسان يتميز مسجد سيدي بلحسن التنسي بتشابهه الكبير بالمعالم الأثرية الموجودة بالأندلس خاصة محرابه الذي يمثل تحفة من خلال نقوشه غير المتناهية وهو بذلك شاهد رائع على الفن الإسلامي. من جانب أخر، تعتبر المنصورة رمز معماري إسلامي مميزا إذ قام السلطان المريني أبو يعقوب ببناء مسجد المنصورة وصومعته التي تبلغ مقاساتها 10 أمتار في كل جهة وبارتفاع 40 متر وذلك سنة 702 ه الموافق ل1303 م. وخلال الفترة العثمانية ظهرت الى الوجود مجموعة قومية جديدة سميت بالكراغلة الذين استقروا بباب الحديد جنوب غرب المدينة، حيث أصبحت هذه الأخيرة ذات أهمية خلال القرن ال.17 يذكر أن المعرض قد أشرف على افتتاحه السيد عبد الحميد بلبليدية بمعية مدير الثقافة لولاية تلمسان ومجموعة من إطارات تظاهرة عاصمة الثقافة الإسلامية، واعتمد المعرض على المجسمات والأغراض الايكولوجية والخرائط والزيارة الافتراضية على الحاسوب بتقنية ثلاثية الأبعاد. مبعوثة ''المساء'' الى تلمسان: دليلة مالك