قرر أعضاء البعثة الدبلوماسية السورية لدى الأممالمتحدة بجنيف السويسرية، أمس، مقاطعة أشغال مجلس حقوق الإنسان ومغادرة قاعة الاجتماعات على خلفية حدة الانتقادات التي وجهها مختلف رؤساء وفود الدول الأعضاء لما يجري في سوريا والتي صنفها البعض في خانة ''جرائم ضد الإنسانية''. واستنكر فيصل خباز حموي السفير السوري في مقر الأممالمتحدة بجنيف عقد هذه الجلسة الطارئة لمناقشة أوضاع حقوق الإنسان في بلاده، واصفا النقاش ب ''العقيم'' و''عديم الجدوى''. وقال ''إنني كنت أتوقع أن ينصب النقاش الحقيقي حول الهجمة الإرهابية التي تتعرض لها بلادي''، ولكنه وجد خطابا آخر وضع النظام السوري في قلب موجة انتقادات لاذعة. وختم بالقول إنه لا يعترف بشرعية هذه الدورة وبكل اللوائح التي ستصدرها''. وكان خباز حموي اول من تناول الكلمة أمام ممثلي 47 دولة أعضاء في مجلس حقوق الإنسان الذين نظموا نقاشا طارئا بطلب من قطر والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي خصص لبحث أوضاع حقوق الإنسان في سوريا، في ظل الازمة الامنية التي تعيشها منذ 11 شهرا. وكان سفراء دول قطر والكويت والعربية السعودية وتركيا تقدموا بمشروع لائحة دعوا من خلالها الحكومة السورية إلى وقف فوري لخروقات حقوق الإنسان واتخاذ الإجراءات اللازمة لتسهيل وصول ممثلي الأممالمتحدة والمنظمات الإنسانية إلى داخل التراب السوري دون عراقيل. وهو الطلب الذي رفضه السفير السوري، منتقدا الداعين إليه وقال انه ليس من صلاحيات مجلس حقوق الإنسان تقديم مساعدات إنسانية التي تبقى من اختصاص المنظمات الإنسانية الناشطة في هذا المجال. وقال الدبلوماسي السوري إن تعاون حكومة بلاده مع الصليب الأحمر الدولي أفضت إلى نتائج عملية تمكنت بفضلها هذه الهيئة من تقديم مساعدات لسكان المناطق المتضررة وسمحت بإجلاء العديد من المصابين، حاثا المجموعة الدولية إلى التفاوض مع حكومة بلاده من أجل الحصول على تراخيص بدخول التراب السوري، كما فعل الصليب الأحمر ''لا كما تفعل بعض الجهات التي تنشط في الخفاء''. وجاءت تصريحات سفير سوريا في الأممالمتحدة بجنيف في أعقاب تصريحات نافي بيلاي المحافظة السامية لحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة التي طالبت أمام مجلس حقوق الإنسان بما أسمته ''بوقف فوري لإطلاق نار إنساني'' في سوريا لوقف أعمال العنف والسماح للأمم المتحدة بتقديم مساعداتها للسكان السوريين. وتحدثت عدة تقارير عن إجلاء جثماني الصحفيين الغربيين اللذين قتلا قبل أيام في قصف لمقر إقامتهم، في نفس الوقت الذي نقل فيه صحفيون غربيون أصيبوا في نفس عملية القصف إلى لبنان عبر الحدود البرية قبل نقلهم إلى بلدانهم الأصلية. وبالموازاة مع هذا النقاش الحاد الذي عرفته جلسة مجلس حقوق الإنسان والتي يتوقع أن تصدر لائحة شديدة اللهجة باتجاه النظام السوري وربما إقصاء سوريا من عضوية المجلس كما حصل مع ليبيا العقيد معمر القذافي العام الماضي، راحت السلطات السورية تنوه بنتيجة الاستفتاء على وثيقة الدستور الجديد واعتبرتها خطوة ''عملاقة'' على طريق بناء الديمقراطية في هذا البلد. وسارع الرئيس بشار الأسد إلى إقراره بموجب مرسوم رئاسي وقعه، امس، يقضي بسريان العمل بمواد الدستور الجديد بداية من اول أمس في محاولة منه لقطع الطريق أمام منتقديه من الدول الغربية والتأكيد باتجاه المجموعة الدولية على حسن نواياها وسعيه من أجل وقف حمام الدم الذي تعيشه بلاده. وشكل تأييد أكثر من 89 بالمئة من الناخبين السوريين لوثيقة الدستور الجديد الخبر الطاغي في مختلف الصحف السورية التي اعتبرت تزكية هذه الوثيقة بمثابة خطوة أولى على طريق إقرار الديمقراطية في بلد حكمه حزب البعث بيد من حديد طيلة خمسين عاما.