تستعيد دورة الجزائر للدراجات تدريجيا سمعتها العالمية التي وضعتها في صدر أهم الأحداث الرياضية بالجزائر خلال السبعينيات، التي نعتت بالسنوات الذهبية لهذا الفرع، الذي فقد بريقه منذ ذلك الوقت وزادت في تدهوره الصراعات التي كانت حاصلة بين مختلف المجموعات التي تعاقبت على تسييره في أجواء مشحونة عطلت عودة دورة الجزائر بسرعة إلى الواجهة. ... غير أن الاتحادية الحالية التي يرأسها السيد فزوين، أدركت أن الإسراع في تطوير الفرع يمر حتما عبر وضع دورة الجزائر على سكتها الحقيقية، لما لهذه الأخيرة من اهتمام جماهيري كبير تجدد في الطبعة الثانية من هذه المنافسة، التي جرت ما بين 10 و16 مارس الجاري، لا سيما وان مشاركة الدول الأجنبية تضاعفت مقارنة بما كانت عليه في الطبعة الأولى التي نظمت في السنة الفارطة، فضلا عن ان مسلكها قارب الثمانمائة كيلومتر اجتازها الدراجون في خمس مراحل، كانت بدايتها من الجزائر العاصمة ثم عين الدفلى، مستغانم، سيدي بلعباس فمدينة وهران التي احتضنت دورتين من هذه الطبعة التي ازدادت قيمتها، بما ان سباقاتها تعتبر تصفوية للدراجين من أجل التأهل إلى كأس العالم المقررة بهولندا في شهر سبتمبر القادم. وقد حضرت موعد انطلاق طبعة هذا العام ثلاث عشرة دولة وكاد العدد ان يصل إلى ست عشرة لولا الانسحاب في آخر دقيقة لكل من تركيا وأوزبكستان الى جانب كوبا، التي تأخرت كثيرا في الإعلان عن مشاركتها في الدورة، ما جعل المنظمين يقررون إقصاءها في آخر لحظة قبل الانطلاق، التي يمكن استنتاج من منافساتها شيئين هامين، الأول يتعلق بالمستوى العالمي للدراجين الذين جاؤوا مع فرقهم ومنهم من ترك بصماته في كل مراحل السباق، على غرار الفائز بهذه الطبعة وصاحب القميص الأصفر الإريتيري برهان الذي نال إعجاب الجميع بفضل قوة مقاومة منافسيه في الطريق، حيث تألق في كيفية استعمال السرعة عند خط الوصول، إلى جانب براعته الكبيرة في تسلق المرتفعات، شأنه شأن مواطنه تيسفوم في مرتفع سانتا كروز الصعب، الذي نال فيه المركز الأول. وإلى جانب هذين المتسابقين يمكن الإشادة أيضا بالسويدي أندرسن لارس الفائز بالمرحلة الأولى في عين الدفلى والإسباني صوبرينو الذي حل الأول في المرحلة الثانية التي قادت القافلة إلى مستغانم، والمغربي عديل جلول الذي تواجد دائما في مقدمة القافلة لكن الحظ لم يسعفه في الفوز بأية مرحلة. مشاركة متوسطة للجزائريين أما بخصوص المشاركة الجزائرية، فقد كانت متوسطة لدى الفرق الأربعة التي مثلتنا ولم يبرز من دراجيها سوى عبد الباسط حناشي وعز الدين لعقاب، وهما من فريق سوفاك، الأول احتل المركز الثاني في المرحلة الأولى، في حين فاز لعقاب بالمرحلة الأخيرة التي جرت بوهران. وقد أجمع المتتبعون ان هذه الدورة جاءت مبكرة للدراجين الجزائريين الذين لم ينطلقوا في تحضيراتهم الموسمية سوى في شهر جانفي الفارط، وهو ما يفسر تسجيلهم نتائج متواضعة غطاها لحسن الحظ نجاح الدورة من حيث التنظيم الذي جعل مسيري الاتحادية مطمئنين من ان الطبعة الثالثة سيزداد فيها عدد الدول الأجنبية، مثلما أكد ذلك ممثل الاتحاد الدولي جان بيار ستريبل، الذي قال أن دورة الجزائر سائرة نحو الحصول على ثقة الهيئة الدولية للفرع. أما الاستنتاج الثاني الذي سجلناه فله علاقة بالاستقبال الجماهري الذي حظيت به القافلة أينما مرت، مما يؤكد أن رياضة الدراجات لا تزال متجذرة حتى في المناطق العميقة للوطن.