اعتُقد أنها غابت عن الميدان واختفت عن الساحة الفنية، بيد أنها تؤكد وجودها الدائم وحضورها المتألق في كل مرة، حيث أحيت مؤخرا حفلا بقسنطينة وشاركت المرأة احتفالها بالثامن مارس بقاعة الأطلس وصدحت بأجمل أغانيها وأشهرها منها »يا حميم« و»جيناكم زيار« وغيرها.. ظهور محتشم ليست هي المتسبب فيه...حوارنا هذا الأسبوع مع فنانة مميزة أتقنت كل أنواع الغناء وعدت أول مطربة تغني اللون البدوي ''آي ياي''... إنها مريم بن هنية أو مريم وفاء كما لقبها الأستاذ لمين بشيشي، التي تحدثت عن ظروفها الاجتماعية الصعبة وعن حبها للفن وتضحيتها لأجله وتأسفت لتغييها عن الساحة ونكران رصيدها ووجودها. ''المساء'': أين هي مريم وفاء اليوم؟ المطربة مريم وفاء: أنا هنا موجودة لم أعتزل ولم أغب، وإذا أردت الصراحة غُيبت، وهذا أمر مؤلم جدا بالنسبة لي، لقد ضحيت كثيرا لأجل ولوج عالم الفن وأعطيت أجود ما عندي واشهرت بأغان لا تزال راسخة في الذاكرة، ولعلمك تركت دراستي الجامعية وأنا نادمة جدا على ذلك لكني لم أندم على اقتحامي عالم الفن بالرغم مما آلت إليه أحوالي اجتماعيا ومهنيا. - في صوتك نبرة حزن واضحة، فما الذي يجعلك يائسة وحزينة وأنت التي لطالما أسعدت الملايين؟ * أنا بالفعل حزينة. فظروفي الاجتماعية جد مزرية فسقف بيتي يكاد يسقط على رأسي ورأس ابني الوحيد، والعمل شح فلا أحد يتذكر مريم وفاء، لقد غُيبت رغما عني، فصوتي لا يزال أقوى من الأول وجميل، ولي جمهوري الذي لا شك لا يزال يحبني ويتذكرني، لكن الامر ليس بيدي للأسف الشديد. - منتصف السبعينيات عدت الفترة الذهنية لمريم وفاء حيث غنيت وأبدعت. فما سر تألقك وقتها؟ * وقتها كان هناك دعم معنوي ومادي وتقدير خاص للأصوات الجميلة، أتذكر أني لم أستطع إقناع والدي بدخول الساحة الفنية إلا بعد 3 سنوات وبعد إقناعه رافقني الى الإذاعة وقابلنا المرحوم معطي بشير، الذي كان وقتها مسؤولا عن برنامج ألحان وشباب، فقدمني للسيد عبد القادر نور المسؤول وقتها عن الدائرة الموسيقية فأُعجب بصوتي فشاركت في حصة ألحان، وشباب ودخلت المجموعة الصوتية لدار الإذاعة وشاركت في عدة حفلات ولفت الانتباه بفضل صوتي الذي يؤدي كل أنواع الغناء من طرفي شرقي.. أندلسي، شعبي، مالوف، هراني، وبدوي صحراوي أصيل، وبفضل أشعار كتاب كلمات كبار منهم عبد المجيد جديدي، سليمان جوادي، بلقاسم خمار والملحنان الكبيران معطي بشير ولمين بشيشي، وعلى ذكر الأستاذ لمين بشيشي، فهو من أطلق علي إسم مريم وفاء وهو بطبيعة الحال إسمي الفني. - رغم قلة رصيدك إلا أن الكل يتذكر أغانيك وعلى الأخص »جيناكم زيار«، التي لاقت رواجا كبيرا وانتشارا، وقد كرمت من طرف السيدة صبيحة شاكر في حصتها »جيناكم زيار« من خلال تقديم الأغنية على الجينريك الخاص بهذا البرنامج الفني الجميل... * بالفعل، هذه الأغنية ناجحة ، ربما هي من اقترنت باسم مريم وفاء المطربة، وانا شاكرة لصبيحة شاكر على التفاتتها وتكريمها لي من خلال برنامجها.. وللعلم أن هذه الأغنية لا تزال مطلوبة ومحببة، فما من حفلة أقيمها إلا وطلبت بأدائها وتجاوب الجمهور معها. - علمنا أنك عدت مؤخرا الى المسرح، حديثنا قليلا عن هذه العودة... * عدت مؤخرا من خلال مسرحية غنائية »عويشة والحراز«، تلحين محمد بوليفة وإخراج فوزية أيت الحاج، وكانت التجربة جد ثرية وهامة أعادتني الى الساحة بقوة. - ما رأيك كمطربة متمكنة من كل الأنواع في اطلاق لقب مطربة على كل الفنانين دون استثناء، كما يحدث في اغلب الأحيان عندنا؟ * صراحة ليس كل فنان مطرب، فقد تكون فنانا تغني لكنك بعيدا عن الطرب الذي ليس من السهل الوصول إليه، فأن تطرب، هذه موهبة كبيرة من الله يهبها لمن يشاء من خلقه، فالطرب هو أن تصل الى عقول وقلوب الجماهير، وأن تتربع هناك وتكسب لك مكانة وشأنا في مجال الفن والغناء، وأنا ضد اطلاق لقب مطرب على كل من هب ودب. - هل من مشاريع في الأفق؟ * المشاريع موجودة وأنا أكتب وألحن ولدي أعمال كثيرة أتمنى أن ترى النور وأعود بواسطتها إلى جمهوري بجديد يفرحه ويسعده، وكل ما اتمناه هو أن لا تدوم فترة تغيبي لأن جمهوري موجود وهذا ما لمسته مؤخرا في قسنطينة. - بم تنصحين الفنانين الشباب؟ * أنصحهم بالعمل وترك التقليد الذي لا يصلح إلا في البداية، وبعدها يجبب الاجتهاد كثيرا لترك البصمة التي بها يعرف ويخلد... وشكرا.