خالف الناخبون الفرنسيون كل التوقعات بعدم التوجه إلى مكاتب التصويت عندما سجلوا إلى غاية عصر أمس نسبة مشاركة قاربت نسبة 5,70 بالمئة من إجمالي هيئة انتخابية تجاوز تعدادها 44 مليون ناخب. وتعد هذه النسبة الأعلى من نوعها في دور اول منذ انتخابات سنة 1981 عندما فاز الرئيس الراحل فرانسوا ميتران بنتائجها حتى وان كانت هذه النسبة اقل من تلك التي سجلت سنة 2007 التي فاقت حينها عتبة 73 بالمئة من إجمالي عدد الناخبين.وبقيت الأنظار منصبة باتجاه المرشحين الأوفر حظا لاجتياز الدور الأول، الرئيس الحالي نيكولا ساركوزي ومنافسه الشرس الاشتراكي فرانسوا هولاند حيث أدلى الأول بصوته رفقة زوجته كارلا بروني في إحدى ثانويات المحافظة السادسة عشر بالعاصمة باريس ولكنه صوت هذه المرة وغادر مكتب التصويت دون أن يدلي بأي تصريح للصحفيين الذين انتظروه منذ الصباح على نقيض منافسه هولاند الذي صوت في معقله بمنطقة تيل في وسط البلاد. وقال هولاند أن اختيار رئيس جديد لا يهم الداخل الفرنسي فحسب ولكن ستكون له آثار على كل الأوضاع في القارة الأوروبية .ولم يفهم الفرنسيون سبب إحجام الرئيس ساركوزي عن التصريح وهو المعروف عنه تصريحاته المتواترة في كثير من المناسبات مما دفع بالبعض إلى القول أن الرئيس الفرنسي ربما يكون قد استشعر نتيجة هذه الانتخابات وتأكد أن غريمه السياسي سيتفوق عليه هذه المرة بعد أن خيب آمال من صوتوا عليه في الانتخابات الماضية بعد أن خالف الوعود التي قطعها على نفسه . وهي الحقيقة التي وقف عليها الناخبون الفرنسيون الذين تيقنوا أن ساركوزي قد اخلف وعوده في توفير مناصب الشغل والقضاء على البطالة والتخفيف من حدة الأزمة الاقتصادية التي تمر بها فرنسا . وهي المنافذ التي استغلها فرانسوا هولاند وراح طيلة الحملة الانتخابية يركز على المشهد الاقتصادي وما يجب القيام به وهو ما جعل كفة الهيئة الناخبة تميل لصالحه حتى وان كان الاقتناع متذبذبا بإمكانية تمكنه من حل مشاكل اقتصاد دخل مرحلة الكساد والأكثر من ذلك ضمن أزمة ليست فرنسية ولكنها عالمية.ولما نجح هولاند في تأليب الناخبين ضد الرئيس الحالي لم يجد هذا الأخير من طريقة للإفلات من غضب شارع متذمر سوى تغيير استراتيجيته الانتخابية وراح يركز على المسائل الأمنية والهجرة والإسلام. وهي الأوراق التي جاءت بنتائج ملموسة لتزامنها مع عمليات الاغتيال التي شهدتها مدينة تولوز ومونتوبون التي تمكن بفضلها من تقليص الفارق بينه وبين منافسه قبل أن تفقد هذه الأوراق درجة تأثيرها ليعود الفارق إلى سابق عهده.