مع التحسن المعتبر الذي شهدته الجزائر في السنوات الأخيرة في مجال الموارد المائية، والذي سمح بتوفير المياه الصالحة للشرب للمواطنين على مدار الساعة في أغلب الأحياء، فإن الكثير من العائلات أصبحت لاتولي اهتماما كبيرا لتخزين المياه، دون أن يعني ذلك التخلي التام عن هذه العادة. ولايختلف اثنان في أن هناك راحة يعيشها الجزائري في مجال توفير المياه، بعد سنوات طويلة من المعاناة التي يتذكرها البعض بأسى والبعض الآخر بسخرية، لاسيما وهم يسترجعون أيام ''الجيريكان''، أي الدلاء التي كانت ترافقهم، ورحلة البحث عن حنفية تتدفق ماء، والطوابير الطويلة التي كان لابد من الوقوف فيها لساعات من أجل الظفر بهذه المادة الحيوية. "الله لايعيد تلك الأيام''، هي عبارة رددها كل من سألناه عن الفرق في الوضع بين اليوم والأمس، فهم يعتبرون أنه لامقارنة بين الاثنين، بل الكثير منهم لايود أن يتذكر المعاناة وسنواتها، حيث أصبحت الدلاء جزءا هاما في ديكور المنازل، والمحظوظون كانوا أولئك الذين يملكون الإمكانيات لتركيب خزان ماء كبير، لكن حتى هذا الأخير كان أحيانا لاينفع في شيء، في ظل شح المياه في الحنفيات. وإذا كانت ثقافة تخزين المياه راسخة في ذهن الجزائريين إلى غاية اليوم، بالرغم من التحسن الكبير في توزيع مياه الشرب، فانه يمكن الجزم بأن عدد الدلاء نقص، كما أن الخزانات المنزلية لم تعد دوما مملوءة. لكن مايغيب عن العادات اليومية هو تطهير المياه المخزنة، بالرغم من أهمية هذه العملية التي ترتبط بالصحة العمومية. ولعل ماينقص هو التوعية من طرف الهيئات المعنية التي تغاضت عن هذه المسألة، مركزة فقط على عملية تطهير الآبار والخزانات الكبيرة. فكل الذين سألناهم عن كيفية تطهير المياه المخزنة بالبيت، كان ردهم واحدا؛ ''إننا نقوم بغسل الدلاء أو الخزان المنزلي كلما غيرنا المياه، ويتم ذلك في فترة لاتتجاوز الأسبوع أو العشرة أيام، ويتم تنظيف الخزانات والدلاء بالماء والجافيل، كما توضع قطرات من ماء جافيل في المياه المخزنة، مع الحرص على تغييرها دوريا، لأن مدة تخزينها لايجب أن تتجاوز العشرة أيام''. ويختلف الأمر بالنسبة للعائلات التي تملك بئرا في منزلها، وهو الحال بالنسبة لمريم، التي أشارت إلى أن والدها لايهمل أبدا تطهير البئر، وذلك باستخدام الجير، وكذا تغطيته، منعا لتلوث الماء من جهة، وسقوط الأطفال في البئر العميقة من جهة أخرى. تحدثنا مع السيدة خليجة بكو، ممثلة شركة ''سي سي اس'' لمنتجات الصحة والبيئة، والتي تتخصص في مجال إنتاج وتسويق المواد والتجهيزات الخاصة بمكافحة الأمراض المنتقلة عن طريق المياه، متطرقين لموضوع تطهير المياه، فأشارت إلى أن التطور في هذا المجال، سمح بإنتاج مواد جديدة بتقنيات أفضل. تقول؛ ''هناك طريقة جديدة لتطهير الآبار والخزانات عن طريق أسطوانات الكلور التي حلت محل التقنية القديمة، التي كانت تتم عن طريق ملء طوبة بالجير، ورميها عن طريق حبل في البئر أو في الخزان''. هذا المنتج الجديد، يسمح بتحديد مدة وكمية الماء المطهر، وميزته أنه جاهز للإستعمال، ويباع باللواحق التي تسمح باستخدامه السهل. والأسطوانة صغيرة الحجم ومصنوعة من البلاستيك الذي يغطي قرص الكلور، كما نجد به فتحات تسمح بتحديد كمية الكلور المذاب في الماء. وتستخدم الأسطوانة لتطهير خزانات مياه وآبار بسعة تتراوح بين 3000 و5000 لتر، وهي تذوب ببطء، وتدوم مدة تتراوح بين شهر و 45 يوما، ويمكن إضافة اسطوانات أخرى في حال كانت كمية الماء أكبر، كما يمكن أن يحدد حجم الكلور المذاب حسب الحاجة، وهو ما يطيل عمر الأسطوانة. والجميل أن هذا المنتج الذي كان يستورد، أصبح اليوم ينتج بالجزائر وبالضبط في مدينة طفراوي بوهران. سألنا السيدة بكو عن الاستعمالات المنزلية، فقالت؛ إن المؤسسة تعمل خصيصا مع السلطات المحلية، لاسيما البلديات التي تتزود بهذه المواد من أجل توزيعها على المواطنين الذين يملكون خزانات أو آبار. لكنها أكدت توفر أقراص أخرى من الكلور موجهة للاستعمال في الأوعية والخزانات المجرورة لتوزيع مياه الشرب، وكذا الدلاء، أي خزانات المياه الراكدة، ويمكن استخدام هذه لأقراص لكميات متفاوتة من الماء تتراوح بين 10 و10 آلاف لتر، لذا فيمكن استخدامها في المنازل، وميزتها أنها سريعة الذوبان، كما أنها تضمن نوعية المياه الراكدة لمدة ستة أشهر، وهو مايجنب ربات البيوت تغيير المياه في كل أسبوع، خوفا من الأمراض. ورغم سهولة استعمال مثل هذه المطهرات، إلا أن كل الذين سألناهم عنها أنكروا تماما معرفتهم بها، فالمعلوم لدى العامة هو تقنية الجير المستخدمة في الآبار أو الخزانات الكبيرة، لكن الأقراص الموجهة للمياه المخزنة للبيت غير م