ركز مختصو أمراض وتحقين الدم أمس بمنتدى المجاهد بمناسبة إحياء اليوم العالمي للثلاسيميا على أهمية الوقاية كعامل أساسي في الحد من انتشار هذا المرض الوراثي من جهة، وعلى أهمية الثقافة العلاجية كأسلوب سليم يعرف المرضى بمرضهم ويعلمهم طرق التعامل والتكيف مع إصابتهم. كشفت البروفسور مريم بن هاني رئيسة عيادة الدم ومركز تحقين الدم بمستشفى بني مسوس على انعدام سجل وطني لمرضى الثلاسيميا بالجزائر مما يجعل معرفة العدد الحقيقي لهؤلاء المرضى غير معروف، في وقت أشار فيه الدكتور سليم قني الى أن دراسة أجريت خلال 2005 / 2006 تظهر أن عدد مرضى الثلاسيميا في الجزائر كان حوالي 757 مريضا في وقت أظهرت دراسة لمصلحة أمراض وتحقين الدم لمستشفى بني مسوس في الفترة ما بين ماي 2010 وافريل 2012 أن عدد هؤلاء قد بلغ 300 حالة في هذه المصلحة فقط، ما يعني أن عدد المصابين بهذا المرض قد تزايد كثيرا وما يزال. وتظهر من بين أهم عوامل الإصابة بالثلاسيميا الوراثة، ذلك أن الطفل المولود من والدين يحملان الجين الثلاسيمي او احدهما بإمكانه توريث ذات العامل لأطفاله، وهو ما جعل المختصين يركزون على جانب الوقاية لتطويق الإصابة بالمرض، وركزوا أكثر على أهمية تحديد النسل في الأسرة التي يسجل بها حالة إصابة المولود بهذا المرض. في سياق متصل، يشير المختصون الى دور الوالدين الهام في مساعدة أبنائهم المصابين للتعايش مع مرضهم. وقد حضرت لقاء الأمس البنت وسام ذات العشر سنوات المصابة بالثلاسيميا منذ أن كانت في شهرها الثاني، وقد أظهرت البنت مرونة كبيرة وهي تتحدث عن مرضها وما هي عوامل انتقاله ولم تنس توجيه دعوة لجمهور المواطنين للتبرع بالدم الذي تتوقف عليه حياة أمثالها من المصابين بالثلاسيميا ومرضى آخرين. كما تظهر الثقافة العلاجية كعامل آخر ضمن عوامل الوقاية، هذه الخطوة يقصد بها تقريب صورة المرض الحقيقية من المريض نفسه وتعليمه سبل التعامل الجيد معه من الناحية الصحية وحتى الاجتماعية بحيث يكون المريض هنا حلقة أساسية لتحسيس محيطه بمرضه وطرق الوقاية منه. هذا العامل الايجابي (أي الثقافة العلاجية) التي يدعو المختصون وزارة الصحة والمجتمع المدني لاستغلاله أكثر للوصول الى مجتمع يحسن التعامل مع مختلف الأمراض المعدية او غير المعدية، الوراثية وحتى الموسمية حفظا للصحة العمومية. ويبقى مرض الثلاسيميا مرضا يجهله الكثير من الجزائريين بالرغم من خطورته، وهو يمثل في بلادنا، بحسب المختصين، نسبة 2% من الإصابات لدى السكان خاصة في منطقة الوسط. وهو يصيب الأطفال في سنهم المبكرة عبر انتقاله بالوراثة من آبائهم عن طريق تأثيره في صنع الدم إذ تحصل طفرة في مكونات الهيموجلوبين مما يسبب تكسر خلايا كرات الدم الحمراء، وبالتالي يظهر عجز هذه الكريات في نقل الأكسجين إلى أعضاء الجسم المختلفة وبالتالي يضطر الطبيب إلى نقل الدم للمريض بصفة مستمرة. جدير بالإشارة أن الثلاسيميا مثل الهيموفيليا كلاهما يصيب الدم ولكن الفرق بينهما أن الأول يعرف انتشارا واسعا في بلدان حوض البحر الأبيض المتوسط فقط متسببا في وفاة 45 ألف طفل سنويا والثاني منتشر في كافة العالم-.