إذا سألت أي واحد عن مصير بطاقات الدعوة التي تلقاها لحضور عرس قريب أو صديق، فإنك حتما ستسمع إجابة واحدة، وهي أنه رماها بمجرد انتهاء حفل الزفاف أو ربما قبل ذلك. وقليلا جدا مانصادف أفرادا يحتفظون ببعضها للذكرى، أغلب هؤلاء العرسان بحد ذاتهم يعتبرون البطاقة جزء من ذكريات ذلك اليوم الجميل. وحتى لاتكون نهاية هذه البطاقات- التي يخصص لها المقبلون على الزواج ميزانية معتبرة نسبيا، ويبدع معدّوها في تزيينها حتى تبدو جميلة- هي القمامة، فإن السيد طاهر توصّل إلى فكرة مميزة، يقول؛ إنها تحول بطاقات الدعوة من مجرد أوراق صالحة للرمي إلى أعمال فنية تستحق الاحتفاظ بها للذكرى، ليس فقط من طرف العرسان ولكن حتى المدعوين. اِلتقينا طاهر في صالون الزواج الذي أقيم مؤخرا بالعاصمة، وهناك شرح لنا الفكرة التي راودته بعد زيارة إلى الولاياتالمتحدةالأمريكية. يقول؛ ''أنا أقدم للزبائن منتجين أمريكيين، الأول عبارة عن ألبوم للصور، خاصيته هو أنه مصنوع من الورق اللامع الخالي من الحمض، وهو مايسمح بالاحتفاظ بالصور لمدة طويلة دون أن تتعرض للاصفرار. كما أن ميزته الأخرى هي خلوّه من المادة اللاصقة، إذ يتم تثبيت الصور وبكل الأحجام، بفضل مثبتات حديدية يمكن تكييفها مع حجم الصورة، كما يمكن إضافة أوراق للألبوم، حسب عدد الصور''.أما المنتج الثاني، فيتعلق ببطاقات الدعوة التي تقدم في ظروف بريدية أمريكية، وميزتها الرئيسية أنها تحمل صورا حقيقية، حسب الطلب والرغبة. يوضح محدثنا ذلك بالقول؛ ''لقد انطلقت في فكرتي من مبدأ الذكرى الذي أريد أن ترسخه بطاقات الدعوة، فالعرس، الحلويات والأكل أمور عابرة، وما يبقى هو مختلف الذكريات التي نحتفظ بها من خلال الصور والفيديوهات، وأنا أضفت لها البطاقة''. ويعطي أمثلة لبطاقات تم إعدادها لزبائنه؛ واحدة وضع فيها صورتي العريسين وهما في سن الطفولة، جالسين أمام بعضهما يقدمان دعوة حضور العرس لأصدقائهما وعائلتهما. وفي أخرى، نرى صورة للعروس وهي طفلة تضم دميتها، ونقرأ عليها كلمة كتبتها أمها لها، تحمل عبارات جد مؤثرة، كما جاءت أخرى على شكل دوائين باسم العريس والعروس اللذين يعملان في مجال الصيدلة، وهي تعني أن ''كلاهما دواء للآخر''، كما يشرح طاهر الذي يتحدث عن أفكار أخرى، كوضع اسم العروسين في سيارة تحمل ترقيما بتاريخ يوم زفافهما، أو يضع عنوان جريدة إذا كان العروسان صحافيين. هي أفكار يتم تحضيرها بمشاركة الطرفين طبعا، اللذين لهما القول الفصل في اختيار موضوع البطاقة. ويصر ذات المصدر على الإشارة إلى أن سعر البطاقات وإن كان متفاوتا، فإنه يبدو جد معقول، إذ يتراوح سعر الواحدة بين 30 و40 دج. والجميل أنه يمكن أن تُهدى من الأقرباء أو الأصدقاء، مثلها مثل الألبوم الذي يبلغ سعره حوالي 1900 دج، وبالإمكان أن يعوّض الأواني التي دأب الجزائريون على إهدائها للمقبلين على الزواج، لاسيما إذا أضيفت له كلمات معبرة من طرف أصحاب الهدية. وفي أحيان أخرى، يمكن لأصحاب العرس أن يجهّزوا الصور في الألبوم قبل نهاية العرس، ويمرروه على الحاضرين لكتابة تهانيهم الخاصة. كل هذه الأفكار المميزة هدفها الوحيد -كما يشير- هو الاحتفاظ بالذكرى للأبناء، ولم الا الأحفاد الذين سيستمتعون حتما بالاطلاع عليها بعد سنوات طويلة. ويقول طاهر الذي يملك محلا بالمركز التجاري ''حمزة'' بباش جراح، إنه قبل الانطلاق في تجسيد هذه الفكرة، قام بدراسة للسوق الجزائرية، مكنته من التأكد من أن هناك حاجة لمثل هذه المنتجات، وهو ما حصل بعد فتحه لمحله منذ عامين تقريبا، إذ لاحظ وجود إقبال كبير على مثل هذه البطاقات من طرف كل فئات المجتمع. ويحكي لنا بكل فخر، حكاية فتاة تزوجت مؤخرا، وهي ابنة شهيد اختارت أن تضع صورة والدها على بطاقة الدعوة، وماحدث بعدها هو أن جميع أهل قريتها فرحوا بحصولهم على صورة هذا البطل، بل إن بعضهم قاموا بتكبير حجمها وتعليقها في بيوتهم.