بدا المتنافسان الأوفر حظا في انتخابات الرئاسة المصرية محمد مرسي مرشح حركة الإخوان المسلمين وأحمد شفيق آخر رئيس حكومة في عهد الرئيس المطاح به حرب تموقع في الخارطة السياسية المصرية من خلال اتصالات مكثفة مع كل الأطراف التي يمكن أن تنظم إليهما من اجل قطع الطريق على المنافس الآخر. ومباشرة بعد تأكد فوزهما في انتخابات الدور الأول دخل المرشحان في سباق ضد الساعة من اجل إقامة تحالفات انتخابية تحسبا لموعد السادس عشر جوان القادم الذي سيحسم معركة اول انتخابات رئاسية تعددية في مصر أو ما اصطلح عليه بقيام الجمهورية المصرية الثانية. ولم ينتظر احمد شفيق العسكري السابق الذي تمكن من التحول إلى سياسي مخضرم إلا ساعات ليعقد اول ندوة صحفية أراد من خلالها نفي التهم الملصقة بشخصه على انه رمز من رموز النظام السابق الذين تسببوا في اندلاع ثورة الخامس والعشرين جانفي من العام الماضي وواحدا ممن تسببوا في مقتل مئات المتظاهرين المصريين من اجل الإطاحة بنظام لا يريدون عودته اليوم بأي شكل من الأشكال. ولكن احمد شفيق حتى وان قاد آخر حكومات الرئيس حسني مبارك إلا انه شدد التأكيد أمس انه من أنصار الثورة واكبر المدافعين على مكاسبها في محاولة أخيرة لكسب ود شباب مصري أصبح يتطير من كل من يرمز إلى النظام السابق الذي يحملونه كل مآسي مصر الراهنة. وقال الجنرال السابق ووزير القوات الجوية في عهد الرئيس المخلوع أن العودة إلى النظام السابق غير مطروحة وأمرها محسوم لأن مصر تغيرت. واعترف باتجاه الشباب المصري أن ثورتهم صودرت وتعهد باستعادة ثمارها في نفس الوقت الذي مد يده باتجاه منافسيه في الدور الأول من ''اجل صالح مصر''. وكشفت تصريحات الجنرال السابق أن شعبيته في أوساط الشباب المصري تهاوت تحت تأثير ما عانوه من النظام السابق والذي يبقى شفيق احد اكبر رموزه ولولا ذلك لما قبل بتولي مقاليد حكومة في وقت كان فيه شباب مصر يقتلون في ساحات كبريات مدن البلاد ولو كان مع شبابها لما خاطر من اجل إنقاذ نظام يحتضر. وهو ما جعل صفة مرشح العسكر تلصق به واستغلها الإسلاميون من اجل تقزيم حظوظه في الوصول إلى سدة كرسي الرئاسة المصرية بعد أن اتهموه بالسعي إلى إجهاض الثورة المصرية بفتح الطريق أمام وجوه النظام السابق للعودة إلى مقاليد السلطة من الباب وهم الذين طردوا منها قبل أشهر عبر النافذة. وقال عصام العريان احد اكبر أقطاب حركة الإخوان أن مصر في حاجة إلى الديمقراطية وشفيق عدو لها . وهي عبارة تؤكد حقيقة الصراع القادم بين المرشحين مرسي وشفيق تحسبا لخوض سباق الدور الثاني الذي تؤكد كل المؤشرات انه سيكون ساخنا بنفس درجة أهمية المنصب الذي يصبو كل واحد منهما للظفر به. ولكن كفة التنافس هذه المرة سيحسمها مدى تمكن كل مرشح في إقناع المرشحين الخاسرين خلال الدور الأول الالتحاق بأحدهما. ويبدو المرشح الإسلامي اكبر المحظوظين في مثل هذه المعادلة كونه سيلقى دعما من المرشح الإسلامي الآخر عبد المنعم أبو الفتوح وأيضا من المرشح اليساري الناصري حمدين صباحي احد اكبر المعارضين للنظام السابق بالإضافة إلى أحزاب سلفية مصرية معروفة. بينما سيبقى الوعاء الانتخابي للمرشح عمرو موسى الأمين العام السابق لجامعة الدول العربية متأرجحا بين هذا المرشح وذاك. بينما سيراهن احمد شفيق على الوعاء الانتخابي المسيحي الذي أيده منذ البداية لقلب موازين معادلة انتخابية تؤكد معطياتها أنها ستكون شرسة وحادة ولن يعرف المنتصر فيها إلا في آخر لحظة تماما كما حصل خلال منافسة الدور الأول. وهي مؤشرات تؤكد أن المشهد الانتخابي المصري سينقسم إلى قسمين متناقضين حد التنافر، واحد إسلامي وآخر لائكي علماني ضمن صراع تقليدي داخل المجتمع المصري وقد صورته صحيفة ''الوطن'' الخاصة تحت عنوان كبير ''مصر بين الشيخ والجنرال'' وخلصت فيه إلى صعوبة إيجاد مصالحة بينهما. بينما لخص المحلل السياسي المصري هشام قاسم هذا المشهد بقوله أننا أصبحنا إما أمام تصويت لصالح الإسلاميين ضد تصويت لصالح الاستقرار ولسنا ندري كيف يمكننا أن نوفق بين اتجاهين متعارضين ''. وأضاف إننا أمام خطر عودة نظام مبارك أو أسلمة البلاد وهو وضع سياسي صعب لم يسبق لمصر أن عرفته''. وهو نفس التصور الذي وضعه احد وجوه ثورة الخامس والعشرين جانفي الذي بدا في تحليله حائرا بين خيارين أحلاهما مر وهو إما ''تسليم مصر لأحد رموز النظام السابق ونكون حينها وكأننا لم نقم بأي شيء وكأن الثورة لم تكن أو تلبية عطش حركة الإخوان في الوصول إلى السلطة مع خطر أن تتحول الثورة إلى وسيلة لخدمة طموحاتهم في التربع على كرسي الرئاسة المصرية.